لا "مطاوعة" في النبطية.. فقد وصلوا إلى وادي الحجير!

رين قزي

الأربعاء 2019/05/29
الأنباء التي انتشرت منذ صباح اليوم الأربعاء، في مواقع التواصل الاجتماعي، حول منع حفلة محمد اسكندر في النبطية، نفاها المعنيون الذي قالوا أن الحفلة قائمة، والتحضير لها يجري على قدم وساق، وستقام في موعدها المحدد في يوم الخميس الذي يلي عيد الفطر. 
وكانت قد انتشرت منشورات في مواقع التواصل الاجتماعي، منذ صباح الأربعاء، تفيد بأن حفلة محمد اسكندر وليال عبود وعامر زيان، المقررة في مطعم "تو تانغو" في النبطية، ألغيت. وقيل ان المطاوعة "تحركوا مجدداً" وأن "التطرف الشيعي" تم احياؤه ضد حفلة موسيقية تقام في المنطقة. 

في المحصلة، تبين أن المنشور غير صحيح، وهو استند إلى منشور واحد في حساب غير موثوق، وتم تناقل صورته في فايسبوك. وفي اتصال مع "المدن"، قال مدير في مطعم "تو تنغو" ان الحفلة قائمة ولم يطرأ أي تعديل على موعدها، ولم نواجه مشكلة من هذا النوع أبداً، ولم يراجعنا أي أحد. 

لكن الخبر لم يأتِ من فراغ. المنع تحقق بالفعل، في مكان آخر، من غير ضجة في مواقع التواصل. فقد انتقل "مطاوعة" الجنوب، من النبطية الى وادي الحجير، حيث ألغيت حفلة طرب على العود كان مقرراً أن يحييها الفنان كنان في عيد الفطر، ويستضيفها منتجع "عرش الملوك" في وادي الحجير حيث النفوذ السياسي والاجتماعي الأكبر لـ"حزب الله". 

وعُلم أنها ألغيت بطلب وتدخل من رئيس اتحاد بلديات جبل عامل، الحاج علي الزين، استجابة لمطالب ناشطين في فايسبوك اعترضوا على استضافة حفلة موسيقية في المنطقة، وهو ما دفع صاحب المنتجع لإلغاء الحفلة.

لكن صاحب المنتجع علي فيّاض، ينفي أن يكون أحد أجبره على إلغاء الحفلة. قال لـ"المدن": "لم يمارس أي أحد ضغطاً عليّ، وألغيتُ الحفلة احتراماً للحاج علي الزين، رئيس اتحاد بلديات جبل عامل، الذي اتصل بي بعد ظهور الحملة على الحفلة". ومن غير أن يؤكد ما إذا كان الزين طلب منه إلغاء السهرة، قال فياض إنه قام بذلك، احتراماً لرئيس اتحاد البلديات في المنطقة. وأكد أن يوم السبت الذي سيلي رمضان ستكون هناك سهرة على العود، وهو ما ينفي أن تكون هناك أي ضغوط نتعرض لها لمنعنا من تشغيل الموسيقى هنا. 

وكان ناشطون شنوا هجوماً في مواقع التواصل الاجتماعي ضد السهرة والمنتزه، وقالوا فيها أن المنتزه لا يراعي حرمة الدين، أو حرمة الشهداء الذين استشهدوا في وادي الحجير، وقالوا إن استضافة حفلة موسيقية صاخبة، تخالف الشريعة وتتعارض مع "ثقافة أهل المنطقة".

وردّ فياض على تلك الأصوات، مؤكداً ان المنتزه يقدم الطرب وليس المجون والموسيقى الصاخبة، مشدداً على انه "ليس هناك ما يسيء للدين في المنتزه أو المطعم". وقال إنه بعد رمضان سيستأنف سهرات الطرب على العود، كل يوم سبت، طوال موسم الصيف، كما جرت العادة، وأولها في يوم السبت المقبل الذي يلي عيد الفطر.

ووضع ناشطون في مواقع التواصل عملية الإلغاء في إطار القمع الرمزي، من غير أن تكون مباشرة، طالما أن المعترضين على تلك السهرات استندوا في عباراتهم إلى "قدسية المنطقة" من غير توجيه تهديدات مباشرة، وهو ما يحمل المضمون نفسه بمحتوى أقل فجاجة. 

وفيما لم يؤكد فياض أن أحداً طالبه بالمنع، أكد رئيس اتحاد البلديات الحاج علي الزين لـ"المدن" انه بالقانون والنظام، لا يستطيع أي أحد أن يمنع أي أحد آخر من القيام بعمل قانوني، لكن ما حصل أن هناك موجة اعتراضات على الموسيقى والغناء من اشخاص يعتبرون أن الموسيقى والغناء جديدان على أدبيات المنطقة. 

وقال الزين إن "المنطقة منطقة شهداء، وسقط فيها أكثر من 40 شهيداً ضد العدو الاسرائيلي، بالتالي لا بد من احترام أهالي الشهداء والبيئة الاجتماعية في محيط الوادي، وهي في غالبيتها ملتزمة دينياً، ويمثل هؤلاء الشريحة الأكبر التي ترتاد تلك المنتزهات في المنطقة". وقال: "أنا نقلت له (فياض) الاعتراضات والواقع الاجتماعي، وهو صاحب عمل يستطيع أن يقدر مصلحته بأن يكمل أو لا يكمل في تنظيم الحفلة". 

وعن ردّه على اتهام القائمين بحملة الانتقادات للحفلة بأنهم "مطاوعة جدد"، قال الزين: "لا يهمنا ما يُقال في السوشال ميديا. أهالي المنطقة هنا يهمهم الحفاظ على القيم الاجتماعية والدينية الموجودة، عدا عن أن المنطقة لها قدسيتها، فدماء الشهداء هي التي أتاحت لنا العودة لنسكن المنطقة مرة أخرى بعد احتلالها، بالإضافة الى ثقافة السكان". وقال: "بالنتيجة كل شخص حر بأن يقوم بما يجده مناسباً، فنحن لا نمنع أحداً ولا نفرض ثقافتنا على أحد، وإذا أراد صاحب المطعم أن يقيم الحفلة فلا أحد سيمنعه بالتأكيد، وهو اختار مصلحته". 

ومنطقة وادي الحجير التي تحيط بها قرى شيعية في معظمها، في قضاء بنت جبيل ومرجعيون، واكتسبت هويتها الدينية من كونها الوادي الاستراتيجي للشيعة في جبل عامل وملاذهم من حملات البطش. ويكتسب الوادي رمزيته من أنه شهد أول مؤتمر لمقارعة الانتداب الفرنسي في العشرينيات، وقاده السيد عبد الحسين شرف الدين، واستضاف مقاومين ضد الفرنسيين، وعلماء دين. وشهد عمليات عسكرية ضد الاحتلال الاسرائيلي للجنوب منذ العام 1982، وشهد "مجزرة الدبابات الإسرائيلية" في حرب تموز 2006 حيث عجز الاسرائيليون عن تحقيق تقدم الى المنطقة.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024