عن حاجة جورج وسوف للتطبيل!

نذير رضا

الأحد 2018/12/02
كسلطان نافذ، يجلس "سلطان الطرب" جورج وسوف على كرسي وثير، يحوم حوله طاقم عمل تصوير أغنية "ملكة جمال الروح" والاعلاميون والمعجبون في قصره المفترض. 

وخارج هذا الموقع، يحوم المعجبون حول صور أيقونية له تشغل شوارع لندن. معجبون، اشبه بأتباع ورعيّة تقدم فروض الولاء البصري لمغنٍ، بات في نظر كثيرين أيقونة موسيقية، ويتشارك كثيرون في وصفه بالاسطورة و"الكبير" و"المعظّم"، ما يفقده الحاجة بتاتاً لأي إطراء اضافي له، كما ورد في الكليب الأخير. 

فقد تلقى الوسوف إطراء من شخصيات معروفة، مثل لاعب كرة السلة فادي الخطيب، والاعلامي نيشان ديرهاروتيونيان، وردت ضمن سياق الكليب. هي المرة الأولى التي نشهد فيها تداخلاً غير مفهوم وغير مبرر، بين أغنية مصورة وآراء في صانعها، ما يضعها في مصاف "السابقة" التلفزيونية التي تحمل دلالات كثيرة، ليس أقلها حاجة المغني للثناء والإطراء، ما يهشم كل الآراء السابقة عنه، بوصفه اسطورة أو "سلطان الطرب". ذلك أن "السلطان" الفعلي، كما درج كثيرون على تسميته، لا يحتاج الى كلام يؤكد ما يفترض أنه مؤكد. 

من هنا يأتي الشاهد على التداخل "غير المبرر" في كليب وقّعه المخرج جاد شويري، في شريط يستدعي النقد بين مجمل أعماله السابقة التي اتسمت بالتميز البصري. أما التداخل غير المفهوم هذا، فيتمثل في الإجماع، ضمن بيئة معروفة بمواكبة للفن، على رأي واحد يدحض الافتراض بأن العمل تكريمي للوسوف بعد 7 سنوات من غيابه عن تصوير "الكليبات". كما يدحض الفرضية القائلة بأن الكليب الأخير، أشبه بفيلم وثائقي قصير، كون هذا الفيلم يسعى، في اقصى حدوده، إلى تكريس الوسوف "سلطاناً" يتهافت المعجبون عليه في عاصمة الضوء والضباب. وكونه يستفتي المادحين له، والمبهورين فيه، بلا حاجة لذلك. 

والحال ان نيشان والخطيب، وسواهما من الذين لم تتسع لهم الدقائق القليلة لاستعراض آرائهم في الوسوف، يفترضون الوسوف مطرباً لا ينازعه أحد على سلطنته الطربية. لم يتعاطَ هؤلاء مع الوسوف على أنه حالة فنية، بما يتخطى كونه مطرباً فقد الكثير من قدراته الفنية والصوتية والأدائية خلال السنوات العشرين الماضية، رغم أنه حافظ على حيثيته كأيقونة ارتبط اسمها بالباحثين عن "السلطنة"، لا سيما من مراهقين وسائقي سيارات "بي أم دبليو" القديمة و"البيتل" الذين تتردد جلبتهم في الأزقة بصوت الوسوف و"حلف القمر" و"لو نويت"! 

فالوسوف بهذا المعنى، اليوم، هو حالة فنية تتخطى المطرب، وهي التجربة الثانية له بعد تجربته الأولى كأيقونة طربية مشرقية في الثمانينيات من القرن الماضي، كانت محل مقارنة مع تجربة مايكل جاكسون العالمية. وعليه، فإن كيل المديح يدحض فرضية التوثيق القصيرة لتجربة اشكالية من الناحية الفنية، تحمل الوجهين من الآراء، بل تميل الى تكريس الوسوف كلسلطان لفئة دون أخرى. 

من هنا، يصبح كليب "ملكة جمال الروح" احتفالياً، لكنه يفتقر إلى ما هو معلن عنه بوصفه تكريمياً. فالتكريم، رغم الاختلاف على الحاجة اليه، لا يكون في كليب موسيقي، بل بفاعلية موسيقية كبيرة تكرسه كمطرب أيقوني عابر للزمن، وهو أمر محال بالنظر الى فقدانه حالة الاجماع الآن. كما يكون التكريم بمبادرة رسمية وطنية، هي بطبيعة الحال لن تتحقق في ظل الانقسام العربي والاصطفاف السياسي. وفي غياب الحالتين، تم التعويض بمشاهير، وبمشاهد تدّعي التكريم، حينما تم حشد الاعلاميين للإعلان عن الخطوة في مطلع الكليب، وافتعالها بصرياً. 

أما القول بأن ما جرى هو تكريم للوسوف، فإنه تكريم هش، لا يرقى الى مستوى تكريم السلاطين المفترضين. فهو تكريم بمبادرة منه، ما يقود الى الاعتقاد بأن الرجل بات بحاجة الى إطراء وثناء، لتعزيز شعوره بالتفوق، في وقت لا يشعر العظماء بهذه الحاجة عندما يكونون في مرحلة العطاء والتطوير الموسيقي، ولنا في سميرة سعيد وعمرو دياب أمثلة على ذلك. 
 

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024