ليس لدى العونيين ما يتباهون به

قاسم مرواني

الأحد 2020/09/13


لم تخل التطورات اللبنانية من تداعي الجمهور العوني يومياً للدفاع عن رئيس البلاد. فهو لا يزال، بنظر قسم كبير منهم، "ايقونة".. ولا يزال "منقذاً" يواجه كل الحملات ضده. 

في كل يوم تقريباً، هناك حدث ما في البلد، يعرض رئيس الجمهورية والدولة بشكل عام لهجوم الناشطين في مواقع التواصل، ويشرع انتقادات حادة تطال طريقة إدارة التيار العوني للبلد، وهي في الواقع، تنتقد "لا إدارتهم" للبلد. 

لكن الرئيس لا يسهل الأمر أبداً على أنصاره الذين لا يملكون ما يتباهون به. لا إنجازات يحملونها بوجه خصومهم، ولا حجج دامغة يسكتون بها محاوريهم. هي مجرد قرارات صغيرة هنا وهناك، لا تليق بعهد قوي ولا بكل الآمال التي  علقها الجمهور على قائدهم. 

على العكس  تماماً،  كل يوم تطل مصيبة جديدة، انهيار اقتصادي، انفجار المرفأ حريق المرفأ وغيرها من الاحداث التي تدل على أن هذا العهد هو أسوأ العهود على الإطلاق. 

يحاول أنصار الرئيس جاهدين للبحث حتى عن موقف مشرف له خلال  كل الأزمات التي أصابت البلد وتصيبه، عن جملة مأثورة يتناقلونها في ما بينهم. 

لم يحدث أن تسرب عن دوائر القصر أن رئيس الجمهورية ضرب  بيده على الطاولة واستشاط غضباً أمام مستشاريه ومجلس الدفاع الأعلى والحكومة وصرخ بهم إثر حريق المرفأ مثلاً ليسألهم: "ماذا فعلتم؟" مثلاً، أو "ألم تتعلموا من انفجار المرفأ؟ ألا يكفي ما يتكبده الناس؟ لماذا كل هذا الفشل؟"

ولم يعلن ما إذا كان قد إتخذ قراراً بمحاسبة الجميع. لم يتكبد الرئيس وماكينته الإعلامية حتى عناء إخراج تصريح صغير كهذا يدعم به جمهوره. 

كان دائماً على نقيض الصورة. أصبح الغم يصيب جمهوره قبل كل إطلالة للرئيس، إذ لا بد، ستشكل الإطلالة فشلاً جديداً يستغله الخصوم للتصويب عليهم. 

ابتسامته خلال استقبال ماكرون في مطار بيروت كأن الانفجار حدث في باريس. تصريحه بأنه لم يكن يعلم، ثم اعترافه بأنه يفتقد إلى الصلاحيات وبعد ثورة ١٧ تشرين طلب من الناس الهجرة إن لم يعجبها الوضع.

البلد في واد والرئيس في واد آخر وقد يقول بعض جمهور التيار الوطني، الذين يعتبرون ميشال عون أيقونتهم، أن الرئيس قد بلغ من العمر عتياً وليس قادراً بعد على إدارة البلد بحزم كما يجب. لكن وبالرغم من العمر المتقدم، لا يزال الرئيس يتمتع بما يكفي من القوة ليخوض معارك الدفاع عن مدير الجمارك وتوزيع شاي المساعدات على الحرس الجمهوري ومعارك ضد التشكيلات القضائية والتدخل في التشكيلة الحكومية، كما يتسرب في الاعلام. 

لم يترك الرئيس لأنصاره في مهمة الدفاع عنه، سوى ترديد شعارات بالية مرّ عليها الزمن يتناقلها ناشطوه في مواقع التواصل الإجتماعي، وكلام فارغ لا يقدم ولا يؤخر، ورفع انجازات مشكوك بها لا تليق بأيقونة ولا بعهد قوي ولا بحجم الكارثة التي يمر بها البلد. 

وقد انتشر فيديو تحت وسم "مكملين معك" في "تويتر"، يستعرض تأييد أعضاء من التيار في لبنان والمهجر، مختلف الطوائف، رددوا خلاله، بالإضافة إلى الشعر ومشاعر المحبة، شعارات قديمة لم يتحقق منها شيء.
وقد لا يجد هذا الجمهور بعد أن يتكبد الكثير من عناء البحث عن انجاز أو قول مأثور يتغنى به، أو حجة دامغة يدافع بها عن العهد، إلا ترديد سيمفونية العزة والكرامة، سيراً على نهج أنصار حزب الله. 

كرامة لا تغني ولا تسمن من جوع، وليس سراً أن معظم الذين يدافعون عن الرئيس وعهده تقدموا بطلبات الهجرة إلى سفارات الدول الغربية.
جزء من تغريدات هذا الجمهور، يصح أن نصفها بالغباء، أو أن أصحابها يعيشون في عالم آخر أو ربما هي تهدف لابتزاز الجمهور الآخر لا أكثر، كالعجائب التي يردونها إلى فخامة الرئيس.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024