بعد سامويل باتي.. هل يتعرض أستاذ فلسفة فرنسي للتهديد؟

المدن - ميديا

الإثنين 2021/02/15
أشعلت التصريحات المتكررة التي أدلى بها أستاذ فلسفة فرنسي من إحدى ضواحي باريس للصحافة، الجدل مجدداً هذا الاسبوع حول التطرف الاسلامي، وأخذت المسألة منحى سياسياً. إذ أكد ديدييه لومير أنه ضحية هجمات لدفاعه عن الأستاذ سامويل باتي الذي قتله جهادي في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

ويدرّس ديدييه لومير، الفلسفة، منذ 20 سنة في مدرسة ثانوية بمدينة تراب التي تضم 30 ألف نسمة وتفتخر بأنها موطن مشاهير كالممثل عمر سي، والهزلي جمال دبوز، ولاعب كرة القدم نيكولا انيلكا. لكن توجُّه العشرات من شبابها إلى سوريا ألحق بالمدينة سمعة بأنها "بؤرة للجهاديين".

وتخطت شهرة لومير حدود مدرسته، في تشرين الثاني/نوفمبر، عندما نشر في مجلة "لوبس" رسالة مفتوحة، اتهم فيها الدولة بأنها لا تملك "استراتيجية للتغلب على التطرف الإسلامي". وأجرى، قبل أيام، مقابلات تلفزيونية، فيما يناقش النواب مشروع قانون للتصدي للتطرف الإسلامي في فرنسا.

ورغم أن لومير أقر بأنه "لا يعيش في الخوف"، لكنه أكد أنه يتعرض لـ"هجمات" و"خطاب حاقد" منذ قتل سامويل باتي. واليوم الإثنين، أعلنت نيابة فيرساي التي فتحت تحقيقاً في هذا الخصوص لوكالة "فرانس برس": "تبلغنا وجود مخاوف على سلامة الأستاذ الذي تلقى تهديدات".

وأمام مدرسته التي وضعت تحت حماية الشرطة، تتضارب الآراء. وقال طالب طلب عدم كشف اسمه: "انه استاذ ممتاز". وأضاف آخر "انه استاذ لطيف وودود وشخص عادي". وتابع: "سبق وأعطانا رأيه في الاسلاميين"، مضيفاً أنه لا يستغرب التصريحات الأخيرة. فيما قالت يوانا (18 عاماً): "لا أوافقه الرأي عندما يقول أنه لا يشعر بالأمان في تراب". وأضافت ياسمين "هذا أمر سخيف".

في السياق، علق الباحث في الإسلام الفرنسي-المغربي، رشيد بنزين، الذي نشأ في تراب: "لا يمكننا انكار ظاهرة القطيعة والتطرف في بعض الأحياء" لكن "يبقى ذلك محصوراً في قسم من المدينة". وأضاف: "هناك عمل في العمق تقوم به البلدية والجمعيات. عمل للتصدي لانطواء المجموعات على ذاتها. يجب التنويه في خطاب لومير".

ورفض رئيس بلدية تراب، علي رابح، تصريحات لومير جملة وتفصيلاً. كما انتقد رابح، العضو السابق في الحزب الاشتراكي، الذي انضم الى حركة "بونوا آمون" المرشح الاشتراكي السابق للانتخابات الرئاسية في 2017، "أكاذيب" لومير، حسب تعبيره.

بدوره أعلن جان جاك برو الممثل المحلي للدولة، لصحيفة "لوموند"، أنه "قلق لتجاوزات" لومير و"بعض الوقائع غير الدقيقة" الصادرة عن الأستاذ والتي "تصب الزيت على النار" حتى إن كانت تصريحاته "موضع تأويلات بعضها مؤذٍ". وشارك وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، بدوره في الجدل مقترحاً "تأمين حماية" للمدرّس. وكتب في "تويتر" متوجهاً الى كل الذين ينتقدون الحكومة لتخليها عنه: "الدولة لن تتوانى عن حمايته".

وازدادت الأمور تعقيداً عندما وزع رابح، الخميس، أمام المدرسة الثانوية التي يدرّس فيها لومير، رسائل تعهد فيها بدعم الطلاب الذي يشعرون بـ"الصدمة والإساءة" جراء هذا الجدل. وأثارت هذه الخطوة تنديداً من قبل سياسيين من اليمين، خصوصاً وزير التربية جان ميشال بلانكيه، الذي اتهم رابح بـ"التدخل" في المدرسة، حتى إنه ذهب إلى حد رفع شكوى ضده وفقاً لمصدر قريب من الملف.

وتم التطرق مساء إلى المسألة في نقاش متلفز بين جيرالد دارمانان، ومارين لوبان زعيمة التجمع الوطني (يمين متطرف)، التي توجه نائبها جوردان بارديلا في اليوم التالي إلى مدينة تراب. وأكد: "هناك في بلادنا جمهوريات إسلامية صغيرة أكثر وأكثر. ويغض نوابنا الطرف عن ذلك".

بدورها أدانت فاليري بيكريس (يمين)، رئيسة منطقة إيل-دو-فرانس التي تقع في نطاقها مدينة تراب، "تدخل" رئيس البلدية في المدرسة مطالبة بـ"طرده". فيما اتهمها رابح "باستغلال هذه القضية لأغراض سياسية" لدعم عثمان نصرو "مرشحها" الذي هزم أمامه في الانتخابات البلدية في 2020، وألغى القضاء الإداري نتائجها في قرار استأنفه رابح. وأكد رئيس البلدية انه منذ بداية الأزمة تعرض لـ"إهانات عنصرية" وانه تقدم بشكوى لـ"تلقيه تهديدات بالقتل". وفتح القضاء تحقيقاً وبات رابح يحظى بحماية أمنية تماماً كما ديدييه لومير.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024