داعية "فنانات الإغراء".. هارون يحيى يحارب داروين

جو حمورة

السبت 2016/04/23
بات العالم صغيراً. ينطلق متصفّحُ الإنترنت من صفحة إلى أخرى لعلّه يجد ما يغنيه، ومن موقع إلى آخر يحط رحاله على ما يلفت نظره ويغريه بمعرفة أي مستجد. 

اكتشف موقع إلكتروني لبناني محلي أخيراً… البارود. وأوهم زائريه بأنه اكتشف جديداً عبر إفراده خبراً عن داعية إسلامي تركي يدعى هارون يحيى يأتي بالراقصات إلى مكتبه ويعطيهنّ محاضرات دينية مباشرة على الهواء. وعلى الرغم من أن الموقع نقل الخبر عن صفحات عربية أخرى سبقته إلى هذا "الفتح الإعلامي العظيم"، إلا أنّ كثيراً من وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع إلكترونية أخرى تناقلت الخبر لمئات المرات ليصل إلى عدد كبير من الناس.

وليحيى، المعروف تركياً بعدنان أوكتار، حكاية مثيرة أكثر من كونه "داعية فنانات الإغراء"، كما وصفته المقالات العربية الأخيرة، المهتمة حصراً باللعب على الغرائز الجنسية للمشاهدين لكسب حفنة من المتابعين. وهي أنه من أبرز الدعاة الإسلاميين الأتراك وأكثرهم شهرة وتأثيراً. فيما إلقاؤه المحاضرات للشبان والشابات لا يزال مستمراً منذ أكثر من عشر سنوات وهو ليس بالأمر الجديد. في حين يمكن مشاهدة كثير منها عبر مواقع التواصل الاجتماعي كما على المواقع المناصرة له، والمنتشرة بكثافة بين الأتراك وفي أرجاء العالم.

أما سيرة الداعية فمليئة بالنشاط، إذ إنه صاحب نحو 300 كتاباً في الدين والعلوم السياسة، والتي تُرجم معظمها إلى عشرات اللغات. ويملك محطة تلفزيونية خاصة، ومواقع إلكترونية متعددة تتيح لمئات الآلاف من محبيه التواصل معه. بالإضافة إلى أنّ "المفكر الإسلامي العصري"، كما يحب أن يعرِّف عن نفسه، يملك قضية "مهمة"، ويعمل من أجلها دون كلل.

ويُعادي الداعية الإسلامي الإلحاد بشكل عام، ويؤدّي، على طريقته، وظيفته "الطبيعية" عبر التبشير بالدين وتفسير محتواه. كما يعارض النظرية الداروينية حول "النشوء والارتقاء" وينتقدها. في حين يعمد مناصروه إلى زيارة المدن والقرى التركية من أجل "تنوير" الناس على حقيقة وجودهم.

أما أشهر ما يثيره يحيى من جدل في تركيا، كما عند مكتشفي ظاهرته، فهو "استقدام" أجمل الفتيات التركيات إلى مكتبه وتقديمه أمامهن محاضرات دينية، بينما يقدمن عروضاً راقصة بين الحلقة الدراسية والأخرى. ورغم أن هذا الأسلوب يبدو ترفيهياً ومبتذلاً، أو حتى رخيصاً، إلا أنه أثبت جدواه في التسويق. إذ لا تزال نسبة مشاهديه مرتفعة، ويُنظر إلى حلقاته التلفزيونية كمزيج يجمع بين التسلية والتشويق من جهة، والقيم الأخلاقية والتعليم الديني من جهة أخرى.

أما طريقة إدارة برنامج يحيى المثير للجدل، فتبدأ بكلمة له في موضوع ديني ما، فيما الكاميرا تتنقل بينه وبين وجوه الفتيات وأجسادهن بلباسهنّ القصير والمثير دائماً. ثم، بعد نهاية الحلقة الدراسية الدينية الأولى، يتم بث الموسيقى الفلكلورية والطربية التركية فتتسابق الفتيات إلى الرقص أمام الداعية بطريقة مثيرة، فيما يعمد هو إلى النظر إليهن أو الرقص معهنّ أحياناً، أو يكتفي، كما غالباً، بالتمايل في مقعده أحياناً أخرى. وبعد دقائق معدودة من الرقص والموسيقى، يعود "الإنضباط" إلى الاستوديو، فيبدأ يحيى درساً دينياً جديداً في أمور الشريعة الإسلامية.

وفيما يصرّ مناصرو الداعية على أن معلمهم جمع المجد من طرفيه، عبر مجالسة أجمل "مخلوقات الأرض" وتعليمه أنبل القيم السماوية في آن، يبقى أسلوبه الإعلامي والتسويقي اللافت غير مقبول لدى بعض الأتراك. حيث لا يُستثنى من الانتقادات بين الحين والآخر، وخصوصاً من دعاة يرون في أساليبه انتقاصاً من الدين. في حين يتحاشى يحيى الرد عليهم غالباً، ويشدد على حرية أسلوب العمل طالما الغاية هي التبشير بالدين وإعلاء شأنه، كما لا يمتنع أحياناً من السخرية من غيرتهم منه بسبب فشلهم ونجاحه.

وبعدما أثمر عمله شهرة في تركيا والبلقان وأوروبا خلال السنوات الماضية، يعمل يحيى ومساعدوه هذه الأيام على التوجه إلى الجمهور العربي و"اقتحام" هذا العالم. وذلك عبر كتابته أخيراً مقالات في بعض الصحف والمواقع العربية، وعبر إنشاء صفحات إلكترونية وحسابات له تبث أفكاره وتعاليمه بلغة الضاد، بالإضافة إلى إعطاء دروسٍ بشكل متزايد تتعلق باللاجئين والوحدة الإسلامية والحضارة العربية خلال الفترة الأخيرة.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024