في النفط والدواء.. هل تدافع MTV عن وكالات الاحتكار؟

نور الهاشم

الجمعة 2021/09/03
عندما بدأ استيراد الأدوية من إيران، أعدت قناة MTV أربعة تقارير على الأقل عن الدواء الايراني خلال شهرين. تحدثت عن "جمهورية الدواء الايراني"، وعن تحذيرات من أن هذا الدواء "يؤدي الى الموت"، و"غزو الدواء الإيراني على الأبواب"، وعن "اجتياحها السوق بتوقيع وزير الصحة"...

كان الملف جذاباً.. تماماً مثل ملف البنزين الايراني الذي أعلن "حزب الله" عن استيراده الى لبنان. فأعدت ثلاثة تقارير أيضاً، كان آخرها تقريراً يحذر من مساوئ هذا البنزين على السيارات، نقلاً عن خبير فنزويلي.

والقناة التي ترفع موقفاً سياسياً معارضاً لإيران وحزب الله، لم تحصر انتقاداتها في الإطار السياسي والقانوني. ففي الشأن القانوني، تستطيع أن تواجه شحنات النفط، من أبواب عديدة، سواء دخلت من البوابة اللبنانية أو السورية، على ضوء العقوبات الاميركية على قطاع النفط الإيراني. لكن في الشأن الدوائي، فلا عقوبات على هذا القطاع، مثل الغذاء المستثنى في الأعراف الدولية من أي عقوبات، فذهبت الى التحذيرات من الموت، نتيجة الأدوية الايرانية.

وبعد استكمال الهجمة على المحروقات الايرانية، ذهبت القناة الى التحذير من مساوئه. كيف؟ تستنطق خبير فنزويلي. يظهر الخبير للمرة الأولى على شاشتها وعلى شاشة عربية، للتحذير منه، من دون الاستناد الى أي مؤشر علمي مقنع، علماً أن ملايين السيارات في إيران تسير على البنزين الإيراني، المستورد منه والمكرر محلياً، من دون أن يتم توثيق أي فرضية عامة، كتلك التي يتحدث عنها الخبير.

في الشكل، بدت الحملة سياسية، ولو أنها أخذت الطابع التحذيري. فالقنوات اللبنانية، منذ عشرات السنين، لم تتحدث عن منشأ البنزين الذي يُستهلك في لبنان، ولا مصادره واستناداته العلمية. لذلك، ظهرت الحملة الاعلامية قاصرة النظر، وغير مشبعة بوسائل الاقناع، وتنطوي على دعاية لن تؤدي الى استغناء اللبنانيين عن البنزين الإيراني حال توافره في الأسواق، في ظل وجود مؤشرين، أولهما انقطاع السلعة، ما يجعل اللجوء الى البديل طبيعياً، وثانيهما السعر، خصوصاً بعد رفع الدعم عن المحروقات بموازاة ما يُحكى عن أن سعر البنزين الايراني سيكون أرخص سعراً.

في المضمون، ثمة جوانب خفية لم تعلن عنها القناة. لا يُخفى على أحد ان قطاع استيراد المحروقات في لبنان، كما الأدوية، عرضة للاحتكار. وأي استماتة في مواجهة البديل أو اعتماد الاسواق المفتوحة، سيكون دفاعاً عن الاحتكارات، خلافاً لمبادئ السوق المفتوحة، وشروط دخول لبنان الى السوق الأوروبية في العام 2002، ومطالب الإصلاح الدولية بإلغاء الوكالات الاحتكارية. وبالتالي، فإن الهجوم ليس تقنياً، ولا لمصلحة الناس الذين تعاطوا مع التقرير على أنه "تافه"، وحولوه الى نكتة في مواقع التواصل.

وسلسلة التقارير تلك، لا يمكن قراءتها على أنها هجمات سياسية صرفة الا في ما يتصل بملف المحروقات. هي هجمات تصب في صالح المستوردين والمحتكرين، في وقت لا يهم المشاهد اللبناني، سواء أكان مؤيداً لفريق "8 آذار" أو "14 آذار" تلك التفاصيل في ظل الأزمة. ما يهمه توفر السلعة، وبأقل الأسعار.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024