"إنت قادر": توعية ترافق القصف الأميركي.. هل تنفع؟

وليد بركسية

الإثنين 2014/10/06

"اليوم إنت قادر، خبّر الناس ووعّيهن"، هي الكلمات الأساسية التي ترسم ملامح حملة "إنت قادر" التوعوية من راديو "سوريالي" المعارض، والتي أطلقها مجدداً بالتزامن مع بداية الضربات الأميركية المستهدفة لتنظيم "داعش" في العمق السوري، وما يرافق ذلك من أخطار تهدد حياة المدنيين، خصوصاً مع لجوء إرهابيي "داعش" للاحتماء في الأماكن المدنية.

انطلقت الحملة بشكل فعلي قبل عام تقريباً، إثر استخدام الأسلحة الكيماوية في أماكن متفرقة من سوريا، ورغم تذكير الراديو بها بشكل متقطع من فترة لأخرى، إلا أنه أعاد إحياءها بكثافة مؤخراً بعد "ازدياد الأطراف المشاركة في الحرب الدائرة في سوريا اليوم" على حد تعبير مدير البرامج في الراديو إياد كلاس.

ويوضح كلاس لـ"المدن" أن الحملة هي "محاولة بسيطة للمساهمة في نشر وعي شعبي حول الاجراءات الأولية الضرورية التي يمكن اللجوء إليها في حال التعرض لمشاكل أمنية، ضربات عسكرية أو اشتباكات حربية"، مضيفاً أن "أصحاب الفكرة هم طاقم عمل "سوريالي" أحد أبرز الإذاعات المجتمعية السورية التي ظهرت بعد الثورة، بهدف تشارك المعرفة وتفعيل دور المستمعين بنشر المعلومات الواردة في الحملة لعلّها تفيد أحدهم في مكان أو وقت ما".

تبث الحملة عبر أثير "سوريالي"، سواء عبر الإنترنت أو موجات FM في بعض مناطق الداخل السوري (دمشق وريفها - حمص - حماة - دير الزور - ريف إدلب - ريف حلب - اللاذقية - طرطوس)، إضافة للنشر في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة. ويأمل فريق الراديو في إيصال معلومات الحملة إلى جمهوره رغم الصعوبات المعيشية التي يعانيها السوريون اليوم. ويوضح كلاس أن "الجمهور المستهدف من الحملة ينقسم إلى قسمين، الأول هو جمهور الراديو الموجود في مناطق النزاع، والثاني هو الجمهور الموجود في أي مكان والراغب مشاركة المعرفة المستخدمة في الحملة".

لا تبدو الفائدة الفعلية من الحملة - وأي حملات أخرى مشابهة - واضحة، خاصة أن الحرب الأهلية في سوريا باتت اليوم في عامها الرابع، لتبدو الجهود التوعوية ككل عبثية نوعاً ما مع سرعة الموت الآتي من الضربات العسكرية أو الجوية، فلا إنذارات مسبقة قبل قصف الطائرات الأميركية لمكان ما أو ما شابه، وهنا تصبح معلومات الحملة غير قابلة للتطبيق على أرض الواقع أو غير مفيدة حقاً (ارتداء ثياب مريحة لسهولة الحركة، إبقاء الحذاء قرب الباب في حال الاضطرار للهرب، جمع الأدوية والإسعافية في حقيبة يدوية صغيرة للضرورة ..).

ببساطة، معلومات الحملة قد تنفع أحدهم ولو بشكل جزئي، لكنها حتماً لن تضر إن لم تنفع" بهذه الكلمات يبعد كلاس صفة العبثية عن جهود الحملة، ويضيف: "رغم أن الحملة لا تستطيع درء ماكينة الحرب عن المدنيين، لكن المعلومات الموجودة فيها قد تسهم في إنقاذ حياة أحدهم بعيد الضربات العسكرية، أو قبلها إن استطاع الاستشعار بالأمر، أو خلالها إن كان الوضع قابلاً للسيطرة، أو قد تفيد حتى في أي مكان أو زمن كما هو الحال في بعض الاجراءات الاحترازية غير المتعلقة بالضربات العسكرية".

لا يبحث أعضاء "سوريالي" عن تفاعل جماهيري محدد من حملتهم. هي جهود بغرض المساهمة بطريقة أو بأخرى في خدمة المجتمع الذي ينتمي له الراديو. وبالتالي يتخطى الراديو التفاعل نحو أهداف أكثر مثالية كالسلامة والأمان، إضافة إلى "تفعيل دور المواطن المبادر الفعال proactive citizen في نشر المعلومات في محيطه"، على حد تعبير كلاس.

يشرف على إعداد معلومات الحملة فريق "سوريالي" من عاملين ومتطوعين سواء من الإعلاميين أو الاختصاصيين في مجالات مختلفة (صحة عامة، صحة نفسية، إدارة أزمات، علم اجتماع وغيرها)، كما "تم التشاور مع أشخاص ومصادر موثوقة في صياغة الاجراءات الواردة في الحملة، وقام الفريق الإعلامي بدوره بوضعها ضمن الإطار التقديمي فقط بعد الموافقة على المعلومات من الاختصاصيين غير الإعلاميين".

بعض النصائح في الحملة أتى بشكل تفاعلي من قبل جمهور "سوريالي" نفسه، إذ أرسل أشخاص مقاطع صوتية يقولون فيها ما هم "قادرون" على فعله، فيما اكتفى البعض الآخر بالمشاركة عبر الوسائل الاجتماعية أو تحميل المعلومات بهدف إعادة عرضها لاحقاً. وعليه، يقيّم كلاس انتشار "إنت قادر" بالمقبول في المجمل، علماً أنه لا تعاون فعلياً مع جهات أخرى في إنتاج الحملة وبثها.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024