"محاكم التفتيش الفايسبوكية"تستهدف يحيى جابر: أحتفظ بحقي القانوني!

المدن - ميديا

السبت 2018/12/22
يُحاكَم الكاتب والمسرحي اللبناني، يحيى جابر، على خياله. فنبش ذاكرة الحرب، وقسوتها وشراهتها الجنسية، يُعرّضه هذه الأيام للمحاكمة في مواقع التواصل الاجتماعي، ما يرسم اسئلة ملحة عما إذا كان استهدافاً سياسياً؟ أو تقويضاً لمهامه ككاتب يغوص في تفاصيل حرب مقيتة، بكل أبعادها وتفاصيلها، تمهيداً لالزام مؤرخي تلك الحقبة بالالتفاف على الحقائق، أو الكتابة بالقفازات!
منشور لجابر في "فايسبوك"، نشر فيه مقطعاً من "قهقهات الحب"، نشره العام الماضي واستعاده هذا العام، قاده الى الانتقاد، حتى بلغ الأمر مستوى محاكمته، بتهمة التلصص على ثديَي امرأة اثناء الحرب. وهي واقعة متخيلة، لا علاقة له بها. أدرجها ضمن سياق تفكيك الحرب وأشخاصها والمشاركين فيها، ومشاكلهم النفسية التي تتفجر بدوافع القوة والسلطة التي تمنحهم اياها البندقية.  

يكتب جابر الواقعة المتخيلة، بلسان مقاتل في الحرب في العام 1981، ليكشف الشراهة الجنسية لدى مقاتلين مراهقين للتلصص على ثديَي جريحة. بحسبه، كانت إصابة صبية في الانفجارات، مادة شجار بين المسعفين لمخاصرة صبية جريحة ورفعها على الحمالة. هذه الصورة، كانت جزءاً من أدبيات القتال في الحرب الأهلية الملعونة في ذلك الوقت، والمتفلتة من كل القواعد الأخلاقية والإنسانية. ومَن يحمل بندقية، ويقاتل شريكه في الوطن، لن يمتلك عاطفة إنسانية، أو عقلاً يفكر بمقاربة نسوية، وهي سمة جُلدت في روايات الحرب، وعلى ألسنة رواتها، لكنها فتحت أخيراً مادة للسجال ولإدانة الراوي، باتهامه بارتكابها. 

وجابر، لم يُسقط يوماً "الزعران" وممارساتهم خلال الحرب، من جهوده التوثيقية لتلك الحقبة المشؤومة. في هذا المقطع المجتزأ من "قهقهة الحرب"، المتداوَل في مواقع التواصل، يسخر جابر من الذكوريين. وأثبتت كل تجاربه أنه مناصر للمرأة والقضايا النسوية. يحاكم التاريخ من هذه الزاوية، كما يحاكمه من زوايا انسانية وطبقية ومدنية. يدين القصف والاغتصاب والجرائم والمجازر... وتندرج الواقعة المتخيلة ضمن هذا الجانب المظلم من تاريخ لبنان، وقد وثقها في هذا النص. 

إثر انتشار المقطع، جرى اجتزاؤه ونشره في صفحات فايسبوكية لإدانة جابر بوصفه ذكورياً. يسأل الكاتب والمسرحي اللبناني في اتصال مع "المدن": "لماذا الافتراء وتشويه السمعة؟ ما هو معيار الأدب في نظر المنتقدين؟ هل يريدون محاكمة سينما وأدب الحرب؟"

وقال: "هذا افتراء. أنا لستُ مسؤولاً عما ارتكبه زعماء الحرب وقادتها من جرائم وفظائع. لا علاقة لي بالنص المتخيل. أنا هنا الراوي فقط". ويعتبر أن ما يتم تداوله "هو حملة منظمة لتشويه السمعة، ولتقويض حريتي في التعبير أدبياً عن تلك الحقبة البشعة"، مشدداً على انه يتعاطى الرواية والأدب والمسرح وأنه واحد من كتّاب الحرب اللبنانية "ولستُ طامحاً لأي موقع سياسي كي يتم استهدافي بهذه الطريقة". 

ويرى جابر أن اجتزاء النص وشن الحملات عليه "هو اساءة للقضايا الانسانية، وهذا ليس عدلاً"، مضيفاً: "ما يجري، هو افتتاح محاكم تفتيش فايسبوكية، أشد وطأة من الرقيب الديني أو الرقابة الرسمية، وهي تطهير عرقي وإدانة لشخصي"، لافتاً الى أن أعضاء المرأة "وردت في قصائد نزار قباني وأنسي الحاج وغيرهما الكثير الكثير من الشعراء والأدباء.. فهل نحاكمهم على خيالهم؟"

وأكد جابر انه يحتفظ بحقه القانوني للرد على الحملات الموجهة له لتشويه سمعته.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024