اللبنانيون أمام السفارة الكندية: فرحة الجائع

نذير رضا

السبت 2019/08/31
عندما أعرب لبناني متوجه للاعتصام أمام السفارة الكندية عن فرحه، كان يصف مشاعره الشخصية بمعزل عن الاعتبارات الوطنية التي خرجت لتدينه. فهو ليس قاتلاً، وغير طامح للبقاء "جائعاً" ومغترباً في بلد ينهشه الفقر. 

دان كثيرون هذا الفرح، وعبروا عن حزنهم لفرح أحد ابناء بلدهم الساعي للتغرب، والبحث عن موطن جديد يكفيه شر الفقر والجوع. وهم بذلك، يكرسون الانقسام اللبناني الذي يطاول الفرح والحزن أيضاً، بمعزل عن الانقسام السياسي. 

وفرح القادم من طرابلس الى جل الديب، لا يستحق هذا الجَلد. الأخير، يستحقه لبنان كدولة وحكومة، لا تمتلك قدرة على طمأنة أبنائها، والحفاظ على وجودهم. فما عبّر عنه، هو حق شخصي في البحث عن السعادة، ردت عليه السفارة الكندية بالثناء على الاعتصام السلمي، والتأكيد ان آلية الهجرة تتم عبر تقديم طلبات في موقعها الالكتروني. 

أما الغاضبون، فهم أنفسهم المتنعمون بفرص العمل والعيش الطبيعي، والقدرة على السفر والتمويه، ويتمسكون بشعارات كالحفاظ على الوجود في البلاد، وضرورة ذلك، بمعزل عن فقر وضيق حال الذين ضاقت بهم البلاد. 

وليست الصورة المتداولة من أمام السفارة الكندية اليوم، عنوان الانتكاسة الوطنية، بل أزمات لبنان المستمرة. هي صورة طبيعية، الجديد فيها فقط أن حشداً من المواطنين اعتصم، ولم يتقدم بأوراق الهجرة وفق الآليات المتبعة. وما يُقال في السر، تم التعبير عنه في وسائط التواصل الاجتماعي قبل وصول هؤلاء الـ150 لبنانياً الى السفارة. 

فقد تناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي صوراً للمعتصمين أمام مبنى السفارة، وقالوا ان هؤلاء يتحدرون من منطقة طرابلس في شمال لبنان، وتجمعوا في ساحة النور في طرابلس أمس احتجاجاً على تردي الوضع المعيشي وغياب فرص العمل وتزايد البطالة، قبل أن ينتقل بعضهم الى مبنى السفارة الكندية طلباً للهجرة.

واعتبر بعض الشبان ان مشهد المتوجهين الى السفارة "يفرح القلب"، قائلاً إن الناس "تشعر بقرف نتيجة الجوع والفقر وتتوجه الى ابواب السفارات طلباً للهجرة". وقال آخر إن الاعتصام هو بمثابة "عرس أمام ابواب السفارة الكندية حيث يطالب اللبنانيون بالهجرة، و"هي أقوى رسالة الى السياسيين اذا كانوا عازمين على سماع مطالب الناس".
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024