نوال السعداوي تختم مسيرتها بالبلاهة!

أحمد ندا

الخميس 2018/10/04
أول ما يتبادر إلى الذهن في انتشار فيديو نوال السعداوي التساؤل التالي: هل هو مدعاة للسخرية والضحك؟ أم للشفقة والرثاء؟
رثاء نوال السعداوي، في حاضرها، لا يعني رثاء لتجربة عمر، ارتبط اسمها خلالها بالجدل. فالكاتبة والروائية والناشطة النسوية الشهيرة، عاشت عقوداً تصارع هزال مجتمع. كانت من القلائل اللواتي واجهن قيماً راكدة راسخة في مجتمع لم يرحمها ورماها بأقذع الاتهامات، وهي استمرت في حربها ضد كل قيمة سلطوية تطبق على أنفاسه.

على الأرجح أن الحزن سيغلب السخرية، خصوصاً لمن يعرف ما فعلته هذه السيدة الشجاعة عبر تاريخها الطويل، في وقت كان مجرد إثارة الجدل في مجتمع راكد، مغامرة غير محسوبة.

أخيراً، وبحسب ما يوثقه مقطع فيديو، محاضرة للسعداوي في السويد قالت فيها إنها رأت بعينها هيلاري كلينتون توزع الأموال على المتظاهرين في ميدان التحرير، وأن المؤامرة الأميركية هي ما أفسد الثورة المصرية. كلام مؤلم في سذاجته ممن كانت طوال عمرها تحارب السذاجات التي تكرست كبداهات.

لا يحتاج الفيديو إلى كثير من التعليق على ما فيه من هذر وهراء، بقدر ما يدعو إلى التساؤل عما هو أجدر بالتفكير..

هل تمحو مهزلة كهذه تاريخها الطويل في النضال النسوي الذي، وإن اختلفنا على تفاصيله، لا نختلف على مبدئه؟ بعبارة أخرى هل يكون ما يحدث مع السعداوي هو "العكس" من حملة "مي تو" وحملات التجريم النسوية لشخصيات عامة ارتبطت أسماؤهم باعتداءات جنسية؟ 

بدأت بشائر ذلك التساؤل في "فايسبوك"، حيث يصطاد مناهضو الحراك النسوي أي خطأ لتجريم الحراك ككل، كرد فعل عكسي، وبالأدوات نفسها.

سيقول البعض إن السعداوي لم ترتكب جرماً تجاه فئة مقموعة أو رازحة تحت سلطة، كالنساء. لكن الفيديو الاتهامي، بتفاصيله، يتضمن اتهاماً يعاقب عليه القانون لفئة تشتت المنتمون إليها بين السجون والمنافي والإقصاء العنيف من الفضاء العام. وبذلك، تعطي بتصريحها شرعية إضافية، وهي الاسم المعروف، لتجنيات نظام بائد لا يرحم.

قبل عام واحد فقط، انتشرت شائعة تقول إن السعداوي ماتت، لكنها خرجت لتنفي وتؤكد أنها ما زالت بصحة جيدة. عندما تُستعاد مثل هذه الأخبار، يكون برجاء رحمة لتاريخ مَن هي مثلها، لم تلق طوال مشوارها غير الإقصاء والتعنيف والهجوم. ثم تنهي مسيرتها المشاغبة بتصريحات في مثل هذه السذاجة والبلاهة، بيقين الدولتيين. ليتها سكتت قبل أن تثير سخط الجميع، وقبل أن يُنسى تاريخها بأثر تصريحات تافهة.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024