غزّوايات وإسرائيليات في انستغرام:روايتان ل"حياة لا يفهمها العالم"

المدن - ميديا

السبت 2018/11/24
ربما لو كن في مكان آخر من العالم، لارتدن المدارس ذاتها، أو استخدمن شبكة الإنترنت في المقهى نفسه. ورغم أن بضعة كيلومترات فقط تفصل بين هؤلاء الفتيات، إلا أنه من غير المرجح أن يجمعهن أي لقاء. تضم المجموعة الأولى فلسطينيات من قطاع غزة، بينما تضم الأخرى طالبات إسرائيليات يعشن بجوار القطاع، وتفصل بينهن تحصينات حدودية من الجدران الخرسانية والأسلاك الشائكة نصبتها إسرائيل.


لكن ما تشترك فيه الفتيات هو الرغبة في تقديم رواياتهن للأحداث بأنفسهن. فالمجموعتان مقتنعتان بأن العالم الخارجي لا يفهم حياتهن، ولا يعبّر عنها بشكل صحيح، بحسب وكالة "رويترز".


وفيما توقف إطلاق الصواريخ في الوقت الراهن، وانصرفت أنظار العالم عن المنطقة بعد أسبوع شهد أعنف تبادل لإطلاق الصواريخ والقصف والضربات الجوية منذ حرب العام 2014 بين إسرائيل وحركة "حماس" التي تدير القطاع، إلا أن سكان القطاع والتجمعات السكانية الإسرائيلية عن الحدود يترقبون تفجر الأزمة المقبلة التي لا يطول انتظارها في العادة.

وقالت منار الزريعي، مديرة مشروع "لسنا أرقاماً"، وهو برنامج مقره غزة لشباب الكتّاب والمصوّرين والفنانين: "قطاع غزة مغلق.. لا يمكن للكثيرين الوصول إلى هنا. من خلال إنستغرام يمكنك أن تجعل العالم يرى غزة بعينيك". علماً أن المشروع يتضمن كتابة تعليقات عن الدمار والصراع في قطاع غزة، لكنه يسعى أيضاً إلى توسيع نطاق السرد الذي يركز على الحرب في غزة من خلال نشر قصص أشخاص عاديين. وأضافت منار: "خلال الهجمات التي ينفذها الإسرائيليون.. نريد أن نوصل رسالتنا. لكن ينبغي أن نكون واعين لما يتعرض له أفراد مجموعتنا.. الضغط والقلق. لا يمكننا تحقيق ذلك على الدوام".

وفي الجانب الإسرائيلي، أطلقت مجموعة من الفتيات الإسرائيليات ممن لم يتخط سنّهن العشرين عاماً ويعشن في مزرعة حول كرم أبو سالم قرب قطاع غزة، حساباً في "إنستغرام" بإسم عبري يعني "محيط غزة". وتضع المجموعة صوراً لمزارع التهمتها النيران بسبب عبوات ومواد حارقة حملتها بالونات وطائرات ورقية من قطاع غزة لإسرائيل، خلال احتجاجات عند الحدود، وصور صواريخ تطلق من غزة، مما يدفع الإسرائيليين للاحتماء في المخابئ.

وقالت لي كوهين (17 عاماً) التي تشارك في إدارة الحساب: "الناس لا يدركون أن هذا واقعنا ويتجاهلوننا ببساطة"، مضيفة: "لا يمكنك النوم بسبب صفارات الإنذار من الصواريخ والانفجارات وطائرات الهليكوبتر التي تحلق فوق الرؤوس، وخشية تسلل الإرهابيين من غزة عبر الأنفاق ليحاولوا قتل الناس".

ويقول مسؤولون داخل قطاع غزة، أن 225 فلسطينياً قتلوا بنيران إسرائيلية منذ بدأت الاحتجاجات على الحدود في 30 آذار/مارس الماضي. وتقول إسرائيل أن الكثير ممن قتلوا مسلحون وأن قواتها تدافع عن الحدود، علماً أن جندياً إسرائيلياً واحداً قتل خلال الاحتجاجات برصاص قناص من غزة.

وقالت منار (27 عاماً) في مدينة غزة، أن الهدف من برنامج "لسنا أرقاماً" هو "التحدث عن المشكلات الإنسانية" في غزة. وأضافت: "تعتاد على شعور أن شيئاً قد يحدث في أي لحظة. الأمر لا يستغرق أكثر من ثانية يمكن فيها أن تفقد قيمتك كإنسان".

وتفضل فاطمة أبو مصبح (22 عاماً) وهي شابة أخرى من غزة، اتباع أسلوب آخر وهو نشر الصور الإيجابية فقط، ولذلك يحتوي حسابها على صور لحدائق منسقة وبنايات جميلة. وقالت: "في الوقت اللي بيكون فيه حرب أو وضع صعب أنا بنزل صورة أو صورتين مشان أحكي للمتابعين عندي وللعالم أنه غزة جميلة بالرغم من كل اللي بيصير".

وفي الجانب الآخر من الحدود، قالت مستخدمة لـ"إنستغرام" تدعى مسحاي المكايس (16 عاماً) أنهن يستخدمن التطبيق لأنه من السهل تقديم المعلومات من خلاله وأضافت: "أنا شخصياً أعتقد أن المراهقين لديهم القوة لإحداث تأثير". وخلال مكالمة هاتفية مع "رويترز" الأسبوع الماضي، خفت صوت صديقتها لي كوهين فجأة وقالت: "هناك صفارات إنذار تدوي. هل يمكننا أن نتحدث لاحقاً؟".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024