هكذا تعسكرت عشيرة شمص لمواجهة آل جعفر

نذير رضا

الأربعاء 2020/10/07
لم تظهر عشيرة آل شمص، منذ العام 2007، مدججة بسلاحها الفردي والمتوسط، قبل أن يُقتل أحد ابنائها على أيدي مسلحين من آل جعفر أواخر الاسبوع الماضي. فالعشيرة، لطالما رسمت صورتها الاعلامية في إطار المسالمة، وذابت في الحياة المُدُنية الى حدّ كبير. 
والعشيرة غير المعروفة بالشراسة، إسوة بآل جعفر وفخذ من آل زعيتر مثلاً، ساهم دخولها الى الدولة في تشكيل صورتها وتهدئة سلوك أبنائها. 

ومع أن العشيرة غير ممثلة نيابياً أو وزارياً منذ إقصاء السوريين ليحيى شمص من مجلس النواب في التسعينيات، في حادثة لم تتكرر تمثلت برفع الحصانة النيابية عنه، إلا أنها تحتفي بوصول ضابط منها (العميد مالك شمص) الى موقع مسؤول في الدولة، وتعلق له لافتات التهاني، وهو تكريس رمزي لهوية سلوكية ملتزمة، لا يمكن تثبيتها الا بالانخراط في الدولة.
 

غير أن هذه الادبيات، تم الانقلاب عليها إعلامياً خلال اليومين الماضيين. تظهر مقاطع الفيديو التي تناقلها رواد مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام، عسكرة عشيرة، في مقابل عشيرة معسكرة. وتنتشر عشيرة آل شمص في بوداء وبعلبك وشعث واللبوة والهرمل، بينما تتواجد عشيرة آل جعفر في الدار الواسعة، والهرمل، والشراونة، والقرى الحدودية بين الهرمل وريف القصير السوري. 

فعشيرة آل جعفر، التي يتحدر منها مئات المطلوبين للدولة اللبنانية، تتسم بالشراسة والقسوة. لم لا يمثلها مسؤول سياسي في الدولة اللبنانية منذ العام 1996 على الاقل، وهي معروفة بأنها مدججة بالسلاح الفردي والمتوسط، وشاركت في حرب سوريا من باب الدفاع عن ابنائها اللبنانيين الموجودين في القرى السورية في ريف القصير. وساهم وجودها على الحدود، وعمل بعضها في ميدان التهريب، في عسكرتها منذ وقت طويل، حتى أن البعض في البقاع، يتحدث عن أن آل جعفر يمتلكون "جيشاً مسلحاً، وقدرة مالية كبيرة صنعت لهم اكتفاء بديلاً من الانخراط بالدولة". 


تتعدد الروايات لأسباب انقلاب آل شمص على أدبيات المسالمة، وهم الذين لم يُشهد لهم حمل السلاح منذ الاحتقان الذي تولد في احداث الجامعة العربية في يناير/كانون الثاني 2007، حين قُتل أحد أبنائها وانتهى الأمر بحادثة قتل الزيادين في نيسان/أبريل من العام نفسه.

منذ ذلك الوقت، أفضت كل الأحداث الفردية التي انخرط فيها أبناء من العشيرة، الى انها "ملتزمة بميثاق العشائر"، وتصدر بيانات الاستنكار والإدانة، وقد سلّمت شخصين تورطا في قتل شخص من آل جعفر في العام 2017 للدولة اللبنانية، قبل أن يُفرج عن احدهما قبل اسبوع، مما دفع بآل جعفر للثأر من شقيقه أواخر الأسبوع الماضي. 


وعليه، بدا ان عسكرة العشيرة خلال اليومين الماضيين، إجراء للردع، وقد يكون نابعاً من تسوية سياسية – أمنية لاحتواء التوتر الأمني. فالعسكرة، بما رافقها من إغلاق لطريق الدار الواسعة التي يسكنها آل جعفر، يُراد منها "تنفيس الاحتقان". تم احتضان العشيرة من قبل "حزب الله"، رمزياً، من قبل الفعاليات السياسية والاجتماعية، حتى ان ابناء العشيرة المتحزبين في بوداي، ظهروا بأسلحتهم، وشاركوا في الحضور العشائري المسلح، ما يعد رسالة سياسية بأن العشيرة غير متروكة، خصوصاً أنها تعتبر أن ما تعرضت له "غدر"، بالنظر الى أن المسؤولين عن حادثة 2017، تسلمتهم الدولة اللبنانية، وتم سجنهم. 

تقابلت العشيرتان بعراضات السلاح. فرضت حضورها بالقوة، وانكفأت الدولة. يقول البعض إن "الوضع تحت السيطرة"، ويقول آخرون إن أصوات الأجنحة المسلحة أقوى من الأجنحة المسالمة. تقع منطقة بعلبك تحت خطر اقتتال داخلي، لا ترى الدولة أنها معنية بمعالجته. فالفعاليات أقوى من الدولة، وأوسع تأثيراً ونفوذاً. وحده الخاسر هو هيبتها، منذ اتخذت قرارها بأن يكون "الأمن بالتراضي". 
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024