نتنياهو يدفع باتجاه الحرب..والعسكر يتراجعون: رسائل الضخّ الإعلامي

وليد حسين

الثلاثاء 2019/08/27
يتسابق التصعيد الاسرائيلي على الحدود اللبنانية الجنوبية، مع جهود اسرائيلية أخرى للاحتواء، تظهر اعلامياً في رسائل الى الخارج، وفي رسائل أخرى الى الداخل عبر وسائل اعلام معارضة. 
وفي مقابل التصعيد العسكري والأمني الذي ظهر في توسعة رقعة الأهداف الاسرائيلية الى العراق والداخل اللبناني، تمارس اسرائيل حذراً لضبط الساحة وخفض سقف الردود، عبر جهود لاحتواء التصعيد المقابل. 

أولى الإشارات، تمثلت في فك قبضة الرقابة العسكرية عن وسائل الاعلام، خلافاً لحروب اسرائيل الأمنية والعسكرية، وهو ما ظهر في نشر مقاطع فيديو بعد خطاب الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، زعمت فيها أن مقاتلين إيرانيين كانوا يتدربون على تسيير طائرات "درونز" في سوريا، وعادوا الى المواقع السكنية التي استهدفت في الغارات مساء السبت في عقربا بريف دمشق. 

والى جانب تلك الصور، نشر موقع i24NEWS اليوم صوراً أخرى حصل عليها من مصادر استخباراتية، تفيد بأن المسيرتين اللتين استهدفتا الضاحية الجنوبية لبيروت، فجر الأحد، انطلقتا من البحر على بُعد 5 كيلومترات عن موقع سقوطهما، زاعمة ان الطائرتين تحتويان على عبوات بغرض التفجير الذاتي في حال سقوطهما، وكانت مهمتهما استخبارية، وذلك في ردّ على بيان "حزب الله" بأن الهدف من تسييرهما كان لتنفيذ عملية امنية. 

والحال أن تفكك قبضة الرقابة العسكرية عن وسائل الإعلام، يريد منه جيش العدو احتواء الرد، وخفض سقفه، وممارسة ضغوط اضافية على نتنياهو الذي يريد من التصعيد كسب معركة انتخابية بدماء جنوده، بينما هو متهم بمرغ أنوف العسكر بالتراب في معركة غزة الأخيرة، وتراجعه عن خوضها. 

وينطلق اتجاه العسكر الى هذا الجانب، من كون نتنياهو يمثل المنافسة الأبرز للجيش وممثليه في الانتخابات، فهو متهم بإقصائهم، وتغيير وجهة الحكم في الكيان من حكم العسكر الى حكم التجار. وفيما يمارس هو التصعيد العسكري لحشد أصوات الناخبين، ينتقده خصومه في الميدان نفسه، حين تذكر "هآرتس" اليوم أن رئيس الحكومة الاسرائيلية لا يمتلك الخبراء في حكومته المصغرة، بل مستشارين له، وأن أقصى ما يطمح اليه هو اكتساب المزيد من الضغوط الأميركية على إيران. 

وتحت عنوان "تعلم إسرائيل أن تهديدات نصرالله رداً على الهجمات على لبنان هي استعداد للانتقام"، كتب المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أن قادة الدفاع أبلغوا الحكومة أن "حزب الله" وضع مخططاً للرد على الهجمات المنسوبة لإسرائيل في سوريا ولبنان. ولفت إلى أن توسع نطاق الهجمات التي تشنها إسرائيل تشير إلى أن تغييراً طرأ على سياسته الهجومية ضد إيران و"حزب الله"، فبعدما كانت محصورة في سوريا توسعت لتصل إلى العراق. لكن توسيع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، حدود المعركة ضد إيران، تطرح تساؤلات إسرائيلية بشأن أسباب تغيير السياسة الإسرائيلية ومبررتها حيال طهران.

واعتبر هارئيل أن المعارضة الإسرائيلية تعتمد اسلوبين في ما يتعلق بتصعيد الحكومة عملياتها العسكرية. فحزب "كاحول لافان"، الذي يقوده ثلاثة من رؤساء الأركان السابقين، يلجأون إلى الصمت، لكنهم يهاجمون نتنياهو بسبب ما يطلقون عليه "سياسة الانضباط" التي اعتمدها في غزّة. وهناك أصوات معارضة أخرى، تتهم نتنياهو بالتآمر كونه يريد اشعال الحدود لأهداف انتخابية. 
وتابع بالقول أن المجلس الأمني المصغر في الحكومة ضعيف، إذ يشغل نتنياهو منصب وزير الأمن وليس فيه وزراء يمتلكون الخبرة، من أمثال إيهود باراك وموشيه يعالون وأفيغدور ليبرمان، بل مؤلف من المستشارين المقربين من نتنياهو، وهم سفير إسرائيل في الولايات المتحدة رون ديرمر، ورئيس الموساد يوسي كوهين، ورئيس المجلس للأمن القومي مئير شبات، وإلى حد ما، رئيس أركان الجيش أفيف كوخافي.

وإذ لفت هارئيل إلى أن تغيير السياسة الإسرائيلية تتزامن مع محاولة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون لمعاودة التفاوض بين إيران والأميركيين، اعتبر أن نتنياهو يريد زيادة الضغوط الأميركية على طهران فحسب، ويعتبر أن ما قاله ماكرون أن الظروف قد نضجت لعقد لقاء يجمع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مع نظيره الإيراني، حسن روحاني لا تبشر بالخير. 
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024