فلسطينيون يُخرجون "الهاشتاغ" إلى الشوارع

فادي ن. الشافعي

الخميس 2015/03/26

هاشتاغ #رفح_بحاجة_لمستشفى، خرج في غزة من نطاق موقع التواصل الإجتماعي "تويتر"، الى نطاقات أوسع. بات، لأول مرة، عنواناً لحملة إجتماعية وإنسانية في الشوارع والطرقات والأزقة والمحال التجارية، مطبوعاً وممهوراً بالطلب، للضغط على السلطة الفلسطينية لإنشاء مستشفى.. وأثمرت الحملة نتيجتها اليوم الخميس، بإعلان رئيس الوزراء الفلسطيني تخصيص مبلغ 50 مليون دولار لبناء مستشفى في مدينة رفع جنوب قطاع غزة.

لم يبق أحد من سكان رفح، بعيداً من الضرر من عدم وجود مجمع طبي يستطيع التعامل مع منطق الحرب المفروض على المدينة. فقد لاقت حملة #رفح_بحاجة_لمستشفى ترحيباً واسعاً بين جميع السكان. ففي شارع المدينة الرئيس، تجد أصحاب المحلات قاموا بطباعة الهاشتاغ وألصقوه على أبواب محلاتهم في طريقة جديدة للاحتجاج والمطالبة التي توفرها لهم السوشيال ميديا كخيار وحيد لمخاطبة السلطة في رام الله، بعدما قطعت علاقاتها وأغلقت عدداً كبيراً من مؤسساتها في قطاع غزة.

تحت هاشتاغ الحملة، زوّد ناشطون وصحافيون مطالبهم بضرورة إنشاء مجمع طبي في مدينة رفح، بعدد من الصور والفيديوهات التي التقطوها أثناء الحرب، وأدلوا بشهاداتهم التي تظهر بشاعة ما كان يحدث، معززة بإحصائيات ومعلومات حول المدينة ومساحتها وعدد سكانها.

تعددت وسائل الاحتجاج في هذه الحملة، لتتجاوز بشكلها الإعلامي الفضاء الافتراضي. فقد قام فريق "نادي شباب رفح" برفع لافتة كتب عليها هاشتاغ الحملة في المباراة التي جمعته بنادي "الهلال"، وشاركت في الوقفات الاحتجاجية هذه الى جانب الصحافيين، شخصيات من وجهاء المدينة.

أجبرت قوة الحملة واستمرارها والصدى الذي سببته بين المواطنين، وزير الصحة في حكومة التوافق والمقيم في رام الله للإستجابة. بداية، أعلن تقديم خطة بناء مجمع طبي في رفح إلى المستوى الثالث من أولويات وزارة الصحة في فلسطين بعدما كانت قد وضعت كأولوية في المرتبة السابعة والثامنة عشر ورصد مبلغ 24 مليون دولار كمقدمة لإنشاء هذا المستشفى. واليوم الخميس، اعلن عن تخصيص 50 مليون دولار لبناء مستشفى في رفح.

ويأتي الضغط الإلكتروني لإنشاء مستشفى في رفح، نتيجة الحاجة الماسة له. يؤكد الناشط عبد الله أبو شرقية وهو أحد القائمين على هذه حملة #رفح_بحاجة_لمستشفى، تأثره بالصورة التي خلفتها الحرب في ذاكرته والجثث ملقاة في كراجات مستشفى أبو يوسف النجار شرق رفح، أثناء المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال في الأول من أغسطس/آب الماضي. ويقول لـ"المدن"، إنه يقدم نفسه كشاهد عيان، مثل صحافيين ونشطاء آخرين منظمين للحملة، ليصف منظر الجثث في ثلاجات البوظة والخضروات التي تبرع بها الأهالي للمستشفى من أجل حفظ جثث أبنائهم، لعجزهم عن دفنها بسبب الحرب. ويختصر المشهد في جملة واحدة: "جثث وأشلاء ملقاة في كل مكان، ومصابين يطلبون النجدة".

سكان غزة، في العادة، لا يجدون مساحة للمطالبة بحقوقهم في هذه الأيام، سوى في مواقع التواصل الإجتماعي. بعد الأزمة الداخلية في العام 2006، أجبرت صعوبة التواصل مع السلطة المركزية في رام الله على اللجوء الى "السوشيال ميديا" لاستخدام تقنياته كوسيط وأداة ضغط من أجل إيصال احتياجاتهم اليومية.. وقد تضاعفت طبيعة الإحتياجات على مدار 8 سنوات من الانقطاع، عززتها طريقة حماس في إدارتها للقطاع.

وفي كل مرة تعيد الجماهير الغزيّة اكتشاف قوتها للمطالبة بحقوقها بالاحتجاج وحملات الضغط، حتى وإن كانت بواسطة هذا الفضاء الافتراضي الذي أصبح الوسيلة الوحيدة للتواصل بين السلطة الفلسطينية وسكان قطاع غزة، وسط استمرار غياب مؤسسات السلطة وتخليها عن مسؤوليتها اتجاه 1.8 مليون يعيشون في قطاع غزة.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024