"هاشتاغ رقم 1": رقص فوق جثث الموتى على "MTV"

إيمان ابراهيم

الأحد 2021/01/10
الأجواء احتفاليّة، فساتين سهرة، بدلات برّاقة، استوديو مزيّن بجدران تلمع ذهباً يخطف الأبصار، وكأس الشامبانيا حاضر. بين موضوع وآخر يتبادل المقدّمون الكأس: "cheers"، أمّا المواضيع المثارة فكانت جائحة كورونا، انهيار الوضع الصحّي والمالي في لبنان، وانفجار المرفأ. تلك باختصار كانت أجواء الحلقة الأولى من برنامج "هاشتاغ رقم 1" على شاشة "MTV"، التي أرادت التفرّد ببرنامج جديد، فكانت النّتيجة كارثيّة.

على طريقة برنامج "منا وجرّ" الذي قدّمه الإعلامي بيار رباط على مدى أربع سنوات قبل أن يستبدله ببرنامج "على غير كوكب"، تجلس مجموعة من الهواة في "هاشتاغ رقم 1" ينتحلون صفة مقدّمي البرامج، ليس ثمّة من يديرهم ويصوّب عثراتهم، بل يتقاسمون جميعاً مهمّة التقديم، يقاطع أحدهم الآخر، تعلّق إحداهنّ تعليقاً ساذجاً، فلا يكلّف المونتاج نفسه حتّى عناء حذف التعليق حفظاً لماء وجه البرنامج في حلقته الأولى.

وهكذا، يسمح مثلاً للجين عضاضة، إحدى المذيعات، أن تقول معلّقة على حدث سياسي: "لم أكن قد سمعت بجبران باسيل قبل ثورة 17 تشرين"، هي فاشونيستا عرفها الرأي العام اللبناني في بداية أزمة كورونا، حين عادت من رحلة من إيطاليا حاملة الفيروس، وأقامت حفلاً في منزلها تسبّب بالعدوى للكثيرين من المدعوين.

باستثناء جمالها الخارجي، لا تمتلك عضاضة ما يؤهّلها لتكون حتى مذيعة ربط فقرات، لكنها تجلس اليوم في صفوف المذيعات هي التي لا تمتلك الحدّ الأدنى من الثّقافة وسرعة البديهة لتكون ضيفة برنامج حواري. تتباهى بأنّها لا تعلم، تطرح في البرنامج أسئلة بديهيّة وتدهشها الإجابات، تتبارى مع منى صليبا التي استضافها البرنامج مع الخبير الاقتصادي دان قزّي بفستانها الذي يلمع ذهباً.


صليبا أيضاً أصابتها اللوثة، فجاءت إلى البرنامج وهي ترتدي فستان سهرة، لتلقي على مسامع المذيعين دروساً في السّياسة، كما فعل قزي ملقياً محاضرة اقتصاديّة أُقحمت عنوة في برنامج يفتقد إلى الهوية، فهو القليل من كل شيء، وهو لا شيء يذكر خارج إطار أنّه تعداد لكل أحداث العام 2020، في مادة أرشيفيّة أخذت الكثير من وقت المعدّين، إلا أنّ تنفيذها جاء رديئاً فضاعت الفكرة.

سبعة مقدّمين، حسن زلزلي أكثرهم حرفية، هو طبيب أمراض سرطانيّة لا علاقة له بالإعلام، ربّما أرادت المحطّة البحث عن وجوه جديدة فبحثت في المستشفيات، لا ضير طالما أنّ النّتيجة لم تكن مخيّبة، وأيضاً رودي حشاش، المشرف على التقارير في برنامج مارسيل غانم "صار الوقت"، هو الوحيد بينهم الذي يملك ثقافة تمكّنه من طرح أسئلة ذات أهمية، تضيع في جوٍ الاستسهال الذي يسود الاستوديو.

ومن المحاورين أيضاً فاديا دقماق، كانت واحدة من مذيعات النشرة الجويّة في "LBCI" التي دفعت ثمن غلطة "30 شباط" الشهيرة، يوم أذاعت مع زميلة لها على مدى يومين النشرة، ولم تنتبه إلى أنّ النشرة تتضمّن قراءة لطقس 30 شباط، ما عرّض المحطّة يومها لحملة سخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، طارت على إثره المذيعتان من النّشرة، لتستقر فاديا بفستان أحمر برّاق تستعرض فيه مفاتنها في برنامج "MTV" الجديد.

أما الباقون فيطلون على الشاشة للمرّة الأولى، لا تكاد تحفظ أسماءهم لشدّة ما تتنقّل الكاميرا بينهم، بعضهم يبذل جهداً ليخرج بجملة عربيّة صحيحة، وبعضهم الآخر لا يكلّف نفسه عناء بذل هذا الجهد، فيتحدّث الفرنسيّة مع الإنجليزيّة والقليل من العربيّة، مفترضاً أن جمهور المحطّة نخبوي متعدّد اللغات لا يحتاج إلى ترجمة، وهو ما برز في إخراج البرنامج، حيث عُرضت فيه فيديوهات عن أحداث عالميّة ليعلّق عليها المذيعون، فكانت الكاميرا تلتقط تعابير وجوه هؤلاء بدل أن تعرض الفيديوهات مترجمة للجمهور.

ولعل الطّامة الكبرى كانت في التّصويت: "من يستحق هاشتاغ رقم واحد؟"، يستعرض المذيعون مجموعة صور لحدث ما، ومن يقرّر أنّ هذه تستحق المرتبة الأولى هم المذيعون أنفسهم، وجلّهم بالكاد سمع بالحدث أو شاهد الصّورة قبل عرض الحلقة، أو علم بخلفيّاتها.

ورغم أن البرامج التلفزيونية تصور اليوم في ظروف قاسية جداً، حيث باتت الفرق التلفزيونية معرّضة للإصابة بفيروس كورونا، مع حقيقة أن ما يتقاضاه العاملون بالعملة المحلّية يساوي تقريباً لا شيء، ما يقتضي في كثير من الأحيان غضّ النّظر عن الهفوات، والتّصفيق للجهد المبذول، إلا أن غض النظر عن برنامج "MTV" الجديد، يصبح نوعاً من التّواطؤ مع الرّقص على جثث الموتى، في ليلة كانت فيها نشرات الأخبار تبكي مشاهد المرضى الذين لا يجدون سريراً في المستشفيات، بينما كان مذيعو البرنامج يقلّبون المآسي، وبين المأساة والمأساة يصيحون: "Cheers".
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024