التسوية تسابق مخاوف أمنية.. أين يلتقي جنبلاط وشيا؟

المدن - ميديا

الخميس 2021/03/25
لم تمضِ ايام قليلة على دعوة رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" لتسوية سياسية، حتى جاءت الدعوة للتسوية من السفيرة الأميركية دوروثي شيّا، التي زارت قصر بعبدا اليوم، والتقت رئيس الجمهورية ميشال عون، واكملت طريقها الى الرئيس المكلف سعد الحريري. 


ربط كثيرون بين تسوية جنبلاط، وتسوية السفيرة الأميركية التي لم تشر الى تفاصيلها، وقالوا إن جنبلاط التقطت راداراته الأزمة فدعا الى التسوية، فيما قال بعض جمهور الزعيم الاشتراكي ان الآخرين يقتبسون كلامه. 


وكان جنبلاط نشر في "تويتر"، مطلع الأسبوع الحالي، تغريدتين حركا المياه الراكدة في المشهد السياسي المقفل.

وبدت التغريدتان الداعيتان الى تسوية، خارج السياق السياسي القائم. لم يكترث جنبلاط للردود والاتهامات والحملات عليه رداً على نشر التغريدتين. 

فالأسباب الموجبة لتقديم موقف سياسي من منبره الالكتروني، أكثر إلحاحاً من الحملات السياسية ضده، وهو يعبر عن قناعة بأن التسوية لا مناص منها، محذراً في التغريدة الأولى من أن العودة إلى الماضي لا تنفع، بينما كان أكثر وضوحاً في تغريدته الثانية في الدفع نحو التسوية والتحذير من لعبة الأمم، وذلك بعد انكسار الجرّة بين عون والحريري.

والحال ان "رادار" جنبلاط التقط ما لم يلتقطه المتابعون الذين توزعوا بين من اتهمه بالفساد كمشارك في طقم سياسي حاكم منذ اتفاق الطائف وحتى اليوم، وبين من رأى أن لا تسوية مع فريق متعنت في السياسة هو رئيس الجمهورية، ومن خلفه التيار الوطني الحر، وفريق يحتكم إلى سلاح غير شرعي لحكم البلد. لكن ماذا في الخلفيات الحقيقة لتسوية جنبلاط؟


يوم الأحد 21 آذار، حدث إطلاق نار في بلدة دير قوبل لم يلفت أنظار اللبنانيين وجرت لملمة الحادث واعتباره حادثاً فردياً. إلا أن "الاشتراكي"، تخوف من أن يكون الحادث مفتعلاً. فالشاب الذي أصيب بطلق ناري، هو مكرم ناصر الدين، ابن مفوض داخلية الحزب التقدمي الاشتراكي ورئيس الماكينة الانتخابية للحزب وقريب من وليد جنبلاط، أما مطلق النار فهو أحد التابعين للأمير طلال إرسلان. هذا الإشكال، الذي رأى الاشتراكي أنه مريب، يأتي ليؤكد شكوكاً تراود جنبلاط منذ فترة.  

تزامن الحادث مع تلمّس زعيم "الاشتراكي"، من خلال لقاءاته بعدد من السفراء مؤخراً، استعداداً لدى بعض الجهات الخارجية للتصعيد والذهاب بعيداً في دعم صراع مسلح قد يحدث في لبنان على خلفية الأزمة القائمة. هنا تتلاقى مخاوف جنبلاط مع ما أعلنه أمين عام حزب الله حسن نصرالله في خطابه السابق، من أن هناك جهات خارجية تدفع نحو حرب أهلية في لبنان. 

يتخوف وليد جنبلاط من استدراج حزبه، أو أحزاب أخرى، إلى إشكال أمني قد يقع في أي لحظة على خلفية قطع الطرق على الطريق الساحلي الواصل بين بيروت والجنوب، المحاذي للمناطق التي يسيطر عليها. 

التقط جنبلاط إشارات انفجار أمني تلوح في الأفق، تدفع إليه جهات خارجية مستندة إلى وضع داخلي قابل للانفجار في أي لحظة، ما حمله إلى زيارة قصر بعبدا من دون التشاور مع سعد الحريري المعارض لهذه الزيارة، على اعتبار أن الرئيس عون وجبران باسيل سيجدا فيها انعطافة أخرى من جنبلاط باتجاه العهد، ودعماً للرئيس عون ما سيدفعه إلي المزيد من التعنت. 

حمل جنبلاط إلى بعبدا تسوية حكومة هي عبارة عن اقتراح بتشكيل حكومة تكنوسياسية من 24 وزيراً، لا تحتوي على أي ثلث معطل لأي من القوى المشاركة. الرئيس ميشال عون، بحسب المصادر، وافق على التسوية، وعند عرضها سعد الحريري، استمهل بعض الوقت للتفكير. 

وإلى حين زيارة الحريري قصر بعبدا، يوم الإثنين، كان موقفه رافضاً لمبادرة جنبلاط، إذ أن الضمانات التي قدمها للفرنسيين تتمحور حول حكومة اختصاصيين من 18 وزيراً. 

يوم الثلاثاء، كان الجميع قد وصل إلى طريق مسدود في تشكيل الحكومة، ما أعاد المخاوف الأمنية للسيطرة على جميع اللبنانيين، وما دفع بوليد جنبلاط إلى الدفع مجدداً بتسويته، ناشراً تغريدته الثانية في "تويتر" ومرسلاً غازي العريضي للقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري، كي يطرح عليه التسوية التي تلتقي مع مبادرة بري لناحية رفض الأثلاث المعطلة وتتضمن وزراء تكنوقراط. 

بدا من الحراك الدبلوماسي باتجاه القيادات اللبنانية، أن المخاوف من التفجر الأمني مشتركة بين الجميع. حتى لو لم تكن هناك معطيات أمنية، إلا أن التحرك الاستباقي من جميع القيادات لقطع الطريق على أي استغلال للوضع القائم، ضرورة. فلبنان على مشارف الدخول في لعبة الأمم، ولا سبيل إلا بتسوية تقطع الطريق على الفوضى. 

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024