استصراح المواطنين ممنوع: هل أُعلنت الحمراء منطقة أمنية؟

المدن - ميديا

الأربعاء 2020/07/08
منعت استخبارات الجيش اللبناني وسيليتي إعلام أجنبيتين من استصراح المواطنين في شارع الحمراء في بيروت، في ما يبدو أنه إجراء جديد اتخذته استخبارات الجيش "نظراً الى الأوضاع الراهنة". 

ووثقت مؤسسة "سكايز" منعاً للزميلين مهى حطيط، مراسلة محطة "الشرق بلومبيرغ"، وشربل  عبود، مراسل "فرانس 24"، من اجراء مقابلات مع المواطنين في شارع الحمراء يوم الاثنين الماضي.
 
وقالت المؤسسة ان عنصرين بلباس مدني عرّفا عن نفسيهما أنهما من مخابرات الجيش اللبناني، اعترضا يوم الإثنين 6 تموز/يوليو 2020، فريق عمل قناة "فرانس 24"، ومراسلة محطة "الشرق بلومبرغ" من بيروت مها حطيط، وطلبا منهما الحصول على ترخيص مسبق للسماح لهم بإجراء مقابلات صحافية مع المواطنين في شارع الحمرا الذي غالباً ما يقصده الصحافيون، اللبنانيون والعرب والأجانب، لاستصراح الناس وقياس مزاج الشارع. وذلك لتنوع روّاده وسكانه، مناطقياً وطائفياً، ولتمايزه برحابة ثقافية وانفتاح، إضافة إلى كونه ليس خاضعاً لسلطة حزبية معينة بالمطلق، على الأقل في ما يتعلق بهذا النوع من المسائل.

وفي التفاصيل، قال مراسل "فرانس 24" في لبنان شربل عبود في مقابلة نشرتها القناة: "أثناء قيامنا بمقابلات مع مواطنين لبرنامج في فلك الممنوع، اعترضَنا عنصران بلباس مدني عرّفا عن نفسيهما أنهما من مكتب مخابرات الجيش اللبناني، وطلبا بطاقتي الصحافية وهوّيتي وقاما بتصويرهما، فاعترضت على ذلك وأخبرتهما أنني صحافي وأمارس العمل الصحافي في لبنان منذ العام 2001، وأن ما يقومان به مخالف للقوانين، خصوصاً وأنهما بلباس مدني وليسا مخوّلين القيام بذلك".
 

أضاف: "أجريت اتصالاً بعقيد في مديرية التوجيه الذي أشار إلى أنه نظراً إلى الأوضاع الراهنة هناك إجراءات جديدة، وبعدها أعادوا إليّ بطاقتي الصحفية وهويتي وطلبوا رقم هاتفي وأعطوني أرقامهم للتواصل معهم والحصول على ترخيص مسبق قبل تصوير مقابلات مع المواطنين في الشارع، مع الإشارة إلى أن الأمر ذاته حصل مع الزميلة مها حطيط وفي المكان نفسه". 

ويعد هذا الإجراء أمنياً، وعادة ما يتخذ عند الاعلان عن منطقة أمنية ومغلقة، وهو قد ما ينطبق على شارع الحمراء أو أي منطقة لبنانية أخرى.. لكن يُفترض أن يتم إعلان ذلك، والأهم أن يتم تبريره! 

وفيما لم توضح استخبارات الجيش طبيعة "الظروف الراهنة" كما لم تعلن من قبل عن التدبير المخالف للقانون، عبّر صحافيون عن اعتراضهم على هذا الاجراء في مواقع التواصل الاجتماعي، رافضين تلك الممارسات التي وصفوها بالعَسكرة والبوليسية، متوجسين من تحول لبنان إلى ما يشبه "مصر السيسي" و"سوريا الأسد". 

والحال إن الصحافيين اللبنانيين والعرب والأجانب، اعتادوا مثل هذه المواقف في مناطق خاضعة لسيطرة حزبية مُحكَمة، لا سيما في الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث غالباً ما يتجه "عناصر الانضباط" إلى الصحافيين حين يراهم مع كاميراتهم أو حتى مع دفتر وقلم يدونون تصاريح المواطنين. ويطلب "الانضباط" البطاقة الصحافية وأحياناً بطاقة الهوية، ويمنع استكمال العمل إذا لم يكن الصحافي "منسقاً" لجولته مع المسؤولين المعنيين في "حزب الله"، طبعاً بذريعة "أمن المقاومة" التي لا يستطيع أحد حيالها شيئاً، لا أهلياً ولا رسمياً. إلا أن الصحافيين، رغم رفضهم هذا الأمر من حيث المبدأ واستيائهم منه، كانوا، أحياناً، يُماشون هذا الأمر لتسهيل عملهم، معتبرين أنهم هنا إزاء استثناء في منطقة مُستثناة من سلطة الدولة وواقعة بالكامل تحت "الحُكم" الحزبي.

لكن أن تتمدد مثل هذه "الأعراف" لتمارسها أجهزة الدولة الرسمية، وخلافاً لكل القوانين والمواثيق التي ترعى الحيز العام والعمل الصحافي، ومن دون أي إعلان رسمي أو توضيحي مسبق، فهذا ما أثار غضب الكثير من الصحافيين الذين يعتبرون أن هذا الأمر لا يجوز السكوت عليه وأنه تطور خطير في سلسلة أحداث وممارسات تضيق الخناق على الحريات العامة وحرية التعبير والعمل الصحافي بشكل عام في لبنان.      
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024