اعتقال أعضاء "المبادرة المصرية" بعد لقائهم دبلوماسيين.. وزوبعة دولية

المدن - ميديا

السبت 2020/11/21
أثارت حملة اعتقالات شنتها السلطات المصرية، على أبرز جماعة حقوقية مازالت تعمل في البلاد، عاصفة من الإدانات بشأن سجلّ مصر الحقوقي، الجمعة، من جانب جماعات أممية وحقوقية عالمية، إضافة الى ساسة ودبلوماسيين غربيين.


هذا الأسبوع، اعتقلت قوات الأمن، ثلاثة من أعضاء "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، من بينهم مديرها التنفيذي. ووجه أمن الدولة لهم تهماً متعلقة بالإرهاب، وأمر باحتجازهم 15 يوماً على ذمة التحقيق، حسبما نقلت وكالة "أسوشييتد برس".

وخلال مؤتمر صحافي في جنيف، نددت رافينا شامدساني، الناطقة باسم مكتب حقوق الانسان في الأمم المتحدة، بالاعتقالات، باعتبارها "تطوراً مقلقاً للغاية يؤكد الهشاشة الكبيرة لنشطاء المجتمع المدني في البلاد"، كما أعربت عن القلق من أن الاعتقالات "جزء من نمط أوسع نطاقاً لترهيب المنظمات المدافعة عن حقوق الانسان واستخدام تشريعات مكافحة الإرهاب والامن القومي لاسكات المعارضين".

وكانت قوات الأمن اعتقلت، الخميس، جاسر عبد الرازق، المدافع عن حقوق الإنسان والمدير التنفيذي للمبادرة، من منزله بالقاهرة. وقبلها بيوم، اعتقل كريم عنارة، رئيس قسم العدالة الجنائية بالمبادرة، أثناء قضائه عطلة في منتجع "دهب" على البحر الأحمر جنوبي سيناء. وجاء اعتقاله بعد ثلاثة أيام على اعتقال محمد بشير، المدير الإداري للمبادرة.

تأتي الاعتقالات بعد لقاء 13 سفيراً ودبلوماسياً بارزاً، مع أعضاء المبادرة، في وقت سابق من الشهر، "لمناقشة سبل تحسين أوضاع حقوق الانسان في مصر" حسبما ذكرت المبادرة، علماً أن حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي تشن أشد حملة قمع على المعارضة في تاريخ مصر الحديث، مستهدفة ليس فقط معارضيها من الإسلام السياسي، بل أيضا ناشطين مطالبين بالديموقراطية وصحافيين ومنتقديها عبر الانترنت.

وفيما أوقفت الجماعات الحقوقية المحلية المستقلة، نشاطها الى حد كبير، تُعدّ "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، الناشطة منذ 18 عاماً، الأبرز بين العدد القليل منها الذي ما زال يعمل، وتستمر في توثيق انتهاكات الحقوق المدنية، وظروف السجون، والعنف الطائفي، والتمييز ضد النساء والأقليات الدينية، علماً أن باتريك جورج زكي، الباحث المصري في حقوق النوع الاجتماعي بالمبادرة، يقبع رهن الاحتجاز منذ شباط/فبراير الماضي بعد اعتقاله من منزله عقب عودته من إيطاليا، حيث كان يدرس.

من جهتها، حثت منظمة العفو الدولية "أمنستي"، السلطات المصرية، على إنهاء "حملة الانتقام الشرسة" ضد المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ودعت الدول التي زار ممثلوها المبادرة، إلى الضغط من أجل إطلاق سراح النشطاء. وقال فيليب لوثر، مدير الأبحاث والمناصرة لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة: "إن الاستجابة الفاترة من قبل المجتمع الدولي تخاطر بتشجيع السلطات المصرية وتبعث رسالة مرعبة إلى المجتمع المدني مفادها أنه لن يتم التسامح مع العمل في مجال حقوق الإنسان".

وحتى الآن، تحدث عدد قليل من الدول التي حضرت التجمع، علانية. وفي الماضي، حاول البعض من وراء الكواليس، مع مسؤولين مصريين، إطلاق سراح ناشطين أو صحافيين بارزين، وتحققت نجاحات متباينة. والجمعة، أصدرت مفوضة حقوق الإنسان الألمانية، ووزيرة الدولة النروجية للشؤون الخارجية، وسفير الدنمارك لدى مصر، الذين حضرت بلدانهم الاجتماع، بيانات تدين الاعتقالات أو تعبّر عن القلق بشأنها.

وقالت الألمانية بيربل كوفلر أنه "من الواضح أن هذه الاعتقالات مرتبطة مباشرة بزيارة مجموعة من سفراء الدول، وبينها ألمانيا. أدين بوضوح شديد هذا التصعيد ضد المجتمع المدني المصري"، مطالبة بإطلاق سراح الناشطين. كما عبّرت فرنسا، التي كان سفيرها موجوداً في الاجتماع، عن "قلقها العميق" إزاء واقعة الاعتقال الأولى. ورداً على ذلك، قالت الحكومة المصرية أنها لن تتسامح مع أي تدخل في شؤونها الداخلية.

إلى ذلك، أدلت دول أخرى بدلوها في الأمر، حيث دافع سفير إيرلندا لدى مصر، شون أو ريغان، عن حق المنظمة في لقاء الدبلوماسيين. وكتب في تغريدة عبر "تويتر" بأن "الاجتماع مع مجموعة واسعة من المحاورين، وبينهم أعضاء في المجتمع المدني، هو جزء لا يتجزأ من الممارسة الدبلوماسية العادية في كل بلد".

ولفتت الحملة التي شنت على الجماعة الحقوقية التي تحظى باحترام واسع، انتباه بعض أعضاء الكونغرس الأميركي. فغردت المرشحة الرئاسية السابقة السناتور إليزابيث وارن عبر "تويتر"، الخميس، بأنه يجب إطلاق سراح أعضاء المجموعة على الفور والسماح لهم بالدفاع عن الحقوق من دون أي تدخل.

وكتب رئيس اللجنة الفرعية التابعة لمجلس النواب الأميركي والمعنية بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا والإرهاب الدولي، النائب الديمومقراطي تيد دويتش، تغريدة دان فيها "اضطهاد" المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر. ووصف الاعتقالات بأنها حلقة أخرى من "الاتجاه المتنامي لأعمال مقلقة ذات دوافع سياسية" من قبل السلطات المصرية.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024