حرب السيسي في سيناء.. تطهير عرقي!

خالد فهمي

الإثنين 2019/09/16
مسعد أبو فجر، المواطن السيناوي وعضو "لجنة الخمسين" التي صاغت الدستور، سجّل فيديو مهماً انتقد فيه سياسة السيسي في مكافحة الإرهاب في سيناء.

يقول مسعد أبو فجر إن الاستراتيجية التي ينتهجها الجيش لمحاربة الدواعش في سيناء (اللذين يتراوح عددهم بين ألف وألفي شخص لا غير)، استراتيجية خاطئة من أساسها، لأنها نحّت أهالي سيناء جانباً، بل استهدفتهم واستعدَتهم، وبالتالي فقد الجيش ظهيره الشعبي الذي كان يمكن به القضاء على دواعش سيناء.

إن أهم ما يطرحه مسعد أبو فجر، هو أن الحرب على الإرهاب صعبة، بقدر ما هي حساسة. بالطبع يجب التصدي للإرهاب بصلابة وقوة وإصرار، لكن أيضا يجب الإدراك بأن هذا الإرهاب، منه ما هو محلي، ومنه ما هو وافد، وأن الكثير من الإرهابيين، حتى الدواعش منهم، أهلنا وأقاربنا. فكما يقول مسعد أبو فجر، هذا "الأمير" أو ذاك، معروف اسمه واسم أمه واسم خالته واسم عمته. ويمكن لقبائل سيناء وللمجتمع السيناوي التعامل بحزم مع هذه العناصر الإرهابية. الحرب على الإرهاب هي حرب على العقول والأفئدة، بقدر مع هي حرب بالجيوش والأسلحة، وأهل مكة أدرى بشعابها.

مسعد أبو فجر يضيف أيضاً اتهامات بالفساد لقيادات ميدانية في العريش، قيادات تقوم بتطهير عرقي لأهالي رفح والشيخ زويد؛ قيادات تتعاون مع أشخاص صدرت ضدهم أحكام من القضاء المصري، أحياناً في قضايا قتل؛ قيادات تتعامل مع تجار مخدرات (بودرة وليس حشيش) وتنخرط في بيزنس معهم؛ قيادات لا تقوم بواجبها في حماية أرواح مجندينا الذين يتساقطون بالعشرات يومياً.


هذه اتهامات خطيرة لا يجب أن تمر مرور الكرام. في أي مجتمع محترم يجب على الصحافة أن تتحرى وتتقصى مثل هذه الاتهامات. هذا هو الدور الحقيقي للصحافة: طرح أسئلة صعبة ومربكة وحساسة حتى يقف الشعب، صاحب الحق الأساسي في هذا البلد، على حقيقة ما يجري في بلده، وحتى يدرك المسؤولون، ومنهم قادة الجيش، أنهم مسؤولون أمام الشعب.

لكن، عوضاً عن القيام بمهمتها الرئيسية في التقصي والمكاشفة، أصبحت الصحافة، والإعلام برمته، غطاء يداري سيئات الحكومة ويتستر على فساد المسؤولين ويبرر أخطاء الرئيس. أصبحت الصحافة وسيلة لانتهاك حرمات المواطنين، والتشكيك في مصداقية كل معارض للسيسي، والتحريض على كل من يبادر لتقصي حقيقة ما يجري في البلد (ولنا في إسماعيل الإسكندراني عِبرة).

ولا يحتاج الأمر الرجوع إلى مواثيق دولية عن حرية الرأي أو حرية الصحافة، للوقوف على أهمية النقد وضرورة الاختلاف، تحديداً وقت الأزمات والمحن. فلنا في تاريخنا الحديث عبرة، وأي عبرة. لنا فقط أن نتذكر العام 1967، وكيف هللت الصحافة لأقوى جيش في الشرق، وكيف تغاضت عن الفساد الضارب في أعماق المؤسسة العسكرية، وكيف تحول المراسلون العسكريون لأبواق للقيادات المهزومة، وكيف زف لنا أحمد سعيد خبر دخول جيوشنا تل أبيب بينما أبيدت هذه الجيوش عن بكرة أبيها بسبب فشل القيادات وجُبنها في أحسن تقدير، أو خيانتها وتركها الميدان في أسوأ تقدير. والنتيجة كانت أمَرّ هزيمة، ما زلنا ندفع ثمنها حتى اليوم.

تحية لمسعد أبو فجر، لقيامه بدوره كمواطن مصري غيور على وطنه، مدافع عن سلامته وأمنه، وشكراً له على تنبيهنا إلى ما يحدث في سيناء، وتسليطه الضوء على الأخطار الحقيقية التي تحيق بوطننا الحبيب.

(*) مدونة كتبها الأكاديمي المصري خالد فهمي في صفحته الفايسبوكية.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024