إضراب ضد العهد..لماذا يشارك فيه التيار؟

نور الهاشم

الأربعاء 2021/06/16
"السلطة تتظاهر ضد نفسها". يتكرر هذا المنشور على مساحة مواقع التواصل بين اللبنانيين، تعليقاً على الاضرابات التي تعم المناطق اللبنانية، الخميس، "رفضاً لحال الانهيار على مجمل المستويات والمطالبة بتأليف حكومة اختصاصيين"، بحسب ما جاء في بيان "الاتحاد العمالي العام". 


مفارقتان تحيطان بالاضراب، اولهما مشاركة تيار "المستقبل" و"جمعية المصارف"، للمرة الاولى ربما في تاريخهما، ضمن إضرابات الاتحاد العمالي العام. وثانيهما، مشاركة "التيار الوطني الحر" في الإضراب، حسبما ورد في بيان صادر عن قطاع المهن الحرة.

حاول كثيرون استبعاد الفرضية السياسية في الاعتصام، وهو ما لا يمكن نكرانه في بلد مثل لبنان، عادة ما تُستغل فيه القضايا المطلبية لتوجيه رسائل سياسية. فالاتحاد العمالي العام، المتهم بأنه قريب من شخصيات في السلطة، ويتلقى دعماً مالياً من الحكومة، لم يتحرك، من قَبل، تحركاً فاعلاً خلال الأزمات التي يعيشها لبنان منذ أكثر من عام ونيف. وخلال انتفاضة 17 تشرين، كان دور الاتحاد شبه غائب. اختفت أنفاسه، وبقي الشارع لمتظاهرين مستقلين عن الأحزاب. 

هذه الحقيقة، تدفع للسؤال عن الجانب السياسي من الاعتصام، في لحظة كباش سياسي واصطفاف عالي النبرة بين "التيار الوطني الحر" من جهة، و"تيار المستقبل" و"حركة أمل" من جهة ثانية. 


يقول المنطق ان ما يجري هو محاولة ضغط ميدانية على العونيين لتسهيل ولادة الحكومة اللبنانية، رغم أن الإضراب كان مقرراً قبل انفجار الأزمة بين الأطراف المتقابلة على خلفية ملف تشكيل الحكومة. فالمؤشرات توحي بذلك، ليست أقلها مشاركة "تيار المستقبل" للمرة الأولى في اضراب عمالي، وهو في العادة تيار سلطة، وليس تيار معارضة. لكن اللحظة السياسية، لما تشكل من ضغط ميداني في الشارع على رئاسة الجمهورية، دفعت "المستقبل" في هذا الاتجاه. 


وإذا كانت الوقائع تشير الى محاولة استغلال للإضراب العمالي للضغط على رئاسة الجمهورية، فكيف يشارك "التيار الوطني الحر" فيها؟ 


لا يستثني التيار نفسه من اللعب السياسي. فمشاركته تسعى الى تخفيف من وقع أهداف الإضراب ومحاولات استغلاله ضد العهد. بذلك، يكون قد أفقده الزخم السياسي، ويحاول إعادته الى مساره المطلبي. ومن ناحية أخرى، فإن البيان الصادر عن قطاع المهن في التيار العوني، والذي يقول فيه ان الإضراب "استكمال للضغط تحت شعار الإسراع وعدم التلكؤ في تأليف حكومة فوراً"، يعيد الاستثمار السياسي لدى "المستقبل" الى منشئه. فهو يستهدف به الحريري حكماً، ويصوب عليه، ويتبرأ من المسؤولية عن عدم تشكيل الحكومة. 

في لبنان فقط، تُستغل التحركات المطلبية للأهداف سياسية. لا ريب في ذلك، طالما أن السلطة، على مدى عشرات السنوات، استطاعت أن تحتوي الاتحادات العمالية. لم تلغِ معارضتها فحسب، بل طوّعتها، وبدأت استخدامها لتحقيق مآرب سياسية. 
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024