كورونا الانتخابية..طوني فرنجية وفادي كرم يروّجان دواءً مشكوكاً فيه!

المدن - ميديا

الإثنين 2021/01/18
تستند أسطورة "الدواء المعجزة" ivermectin، التي تقول أن العقار المستخدم منذ سبعينيات القرن الماضي لعلاج الطفيليات، قادر على علاج وباء كوفيد-19، إلى خبر غير دقيق تداولته وسائل إعلام بلغات مختلفة، يزعم أن "المعهد الوطني للصحة" (NIH) في الولايات المتحدة، أعطى موافقته على اعتماد الدواء كأحد خيارات مكافحة فيروس كورونا المسبب للمرض.

وفي لبنان، الذي يشهد إقفالاً عاماً مع تزايد عدد حالات الإصابة وإرهاق الجسم الطبي ومؤسساته بشكل كارثي، تجاوز الموضوع حد تناقل الأخبار الكاذبة، إلى إنشاء عرائض إلكترونية تطالب باعتماد الدواء، وصولاً إلى رسائل كشفها أطباء لبنانيون من مرضى يطلبون منهم وصفات طبية للحصول على العقار، وليس انتهاء بمزايدات سياسية من قبل سياسيين محليين، عرضوا تقديم عينات من الدواء على المرضى، ضمن شروط بسيطة، ما قد يؤدي إلى انتشار مضاعفات لدى أولئك المرضى، من دون الحديث عن الشك في فعاليته في علاج كوفيد-19 أصلاً.


ويمكن رصد دعوات في هذا الإطار، من بينها تغريدة متداولة بكثافة تتحدث عن سعي النائب طوني فرنجية لتأمين ivermectin للمصابين بكوورنا، بشرط أن يكون المريض فوق الخمسين عاماً، وأن تكون عوارض المرض عليه في بدايتها، مع ضرورة تقديم صورة عن الهوية ووصفة طبية وفحصاً إيجابياً للكورونا! وهي الشروط نفسها تقريباً التي طلبها أمين سر تكتل "الجمهورية القوية"، النائب السابق فادي كرم، أيضأً، حسبما نقلت "الوكالة الوطنية للإعلام". والحال، فإن كان هناك أطباء يصفونه للمرضى في لبنان، فهذه مصيبة، وإن كانت هناك وصفات مزورة أو تُكتب غبّ الطلب، فهذه مصيبة أكبر. والأدهى من هذا كله، اضطلاع نائب حالي ونائب سابق، بتقديم خدمات "لجمهورهما" عبر توزيع دواء ما زال مشكوكاً في فاعليته، وغير مثبتة ملاءمته لمرضى كورونا، بل وقد يكون خطراً على الصحة العامة.. وكأنهما يوزعان الخبز أو المازوت! وهما يروجان "للدراسات الأولية المخبرية" حوله، وكأنهما يفقهان في ذلك شيئاً، ثم يسوّقات هذه "الخدمات" عبر السوشال ميديا، وبكل أمان! فأي استهتار وفوضى أكثر من ذلك؟ وأين وزارة الصحة ونقابة الأطباء وبقية الجهات المسؤولة من هذه الفضيحة؟ 

فرغم أن هذه الأدوية مجانية إلا أنها تصب في إطار الاستعراض السياسي والاستهتار بحياة اللبنانيين. ويقول باحثون أن الدراسات غير المكتملة، والأخبار الكاذبة التي تدعم العقار، أدت إلى زيادة مبيعاته في السوق السوداء، وعرقلة المزيد من البحث العلمي، وتأرجح ردود أفعال الحكومات على الوباء، خصوصاً في بعض دول أميركا اللاتينية. فيما يثير جدلاً واسعاً في الولايات المتحدة، ودول أخرى، بعدما وصفه أحد الأطباء باعتباره علاجاً لوباء كوفيد-19، وبات الدواء، الذي مازال غير معتمد بشكل رسمي لعلاج أعراض كورونا، اليوم في انتظار تقييم منظمة الصحة العالمية الشهر المقبل.


وقال اختصاصي الأمراض الرئوية وخبير العناية المركزة، بيار كوري، خلال جلسة استماع في الكونغرس الأميركي مؤخراً، أن "الدواء المعجزة" لعلاج كورونا يدعم المرضى بانتظار توافر لقاح، مشيراً إلى أن دراسات أكدت أنه يعمل على تخفيف أعراض كورونا، وأنه يتضمن خصائص تمنع تفشي فيروس كورونا. لكن علماء آخرين حذروا من تناول العقار كعلاج لكوفيد-19، كما أن هيئات ووكالات الصحة تقول أنه لا توجد أدلة كافية للترويج للعقار باعتباره علاجاً لفيروس كورونا، حسبما نقلت وكالة "فرانس برس".

والحال أن ivermectin هو دواء مضاد للطفيليات، ويمنع استخدامه للأطفال دون سن الخامسة أو الذين يقل وزنهم عن 15 كيلوغراماً، والنساء الحوامل والمرضعات، والأفراد المصابين بأمراض الكبد أو الكلى، ومن آثاره الجانبية الحرارة والحكة والحساسية، خصوصاً عندما يؤخذ عن طريق الفم، بالإضافة إلى احمرار العينين وجفاف الجلد.

وقال خبراء في معهد برشلونة للصحة العالمية: "قرارات سياسة ivermectin في أميركا اللاتينية استندت إلى حد كبير على التحليل المقدم في نسخة ما قبل الطباعة في أوائل نيسان/أبريل"، وهذا يعني أنها لم تخضع لمراجعة الأقران، وهي العملية التي يتم من خلالها فحص النتائج الدراسة من قبل علماء آخرين قبل نشرها في مجلة علمية.

ورغم عدم وجود دليل على فعالية العقار المضاد للطفيليات في معالجة كوفيد-19، استمر بعض السياسيين في دول معينة بدعم عقار ivermectin. ففي أيار/مايو، أعلنت الحكومة البوليفية أنها سمحت باستخدامه العلاج المصابين بالمرض، كما زعم الرئيس البرازيلي جاير بولسونارو، في تغريدة هذا الشهر، أن ivermectin قد يكون مسؤولاً عن العدد المنخفض نسبياً لوفيات فيروس كورونا في أفريقيا.

ويجب القول أن ivermectin هو أحد الأدوية التي تم اختبارها كعلاج محتمل لكوفيد-19 منذ تفشي الوباء، مثل عقار "هيدروكسي كلوروكين" المضاد للملاريا، الذي لم تثبت التجارب السريرية حتى الآن فاعليته في معالجة المرض، رغم الشهرة التي نالها الدواء بسبب تصريحات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بشأنه قبل أشهر، إضافة إلى إصرار الطبيب الفرنسي المثير للجدل، والذي يصفه البعض في فرنسا بـ"المشعوذ"، على فعاليته ودخوله في سجال كلامي وقضائي مع الدولة الفرنسية بسبب "الكلوروكين". والحال إن "يونايت آيد"، وهي وكالة تشتري الأدوية لأشد الناس فقراً في البلدان النامية، تقول أن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لتأكيد فعالية ivermectin.


وحتى في أميركا اللاتينية وأفريقيا، مازال المتخصصون مشككين بفعالية الدواء. فقال الكيميائي الصيدلاني في مستشفى "سان بورخا أرياران" في سانتياغو في تشيلي، روبن هيرنانديز، لـ"فرانس برس": "التركيزات المستخدمة في المختبر قد لا تكون قابلة للتحقيق في الجرعات العلاجية"، كما قالت وكالة الأدوية الجنوب أفريقية "ساهبرا" أنه "لا يمكن بعد التوصية بعقار ivermectin كدواء لكوفيد -19"، واضافت في بيان: "من الأدلة المتاحة لتجربة المراقبة العشوائية، لا يتفوق ivermectin على الدواء الوهمي من حيث تقليل الحمل الفيروسي أو التقدم السريري. ولا دليل من تجارب المراقبة العشوائية على أي انخفاض في معدل الوفيات".

من جهته، قال الأستاذ في قسم الأمراض المعدية في مستشفى جامعة كوريا في سيول، كيم وو جو، أن "هناك حاجة لمزيد من التجارب". وأضاف: "إذا أردنا أن نكون متأكدين بنسبة 100 في المئة من فعالية الدواء، فنحن بحاجة إلى نتائج من تجارب سريرية عشوائية مضبوطة بشكل أكبر"، مشيراً إلى أنه من الصعب معرفة ما إذا كان تحسن حالة مريض ما بسبب إيفيرمكتين أم لا. وأوضح أنه "يميل بعض المرضى المصابين بكوفيد-19 إلى التحسن، حتى من دون تلقي العلاج المناسب".
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024