استراتيجية جديدة لنظام الأسد:شهادات وفاة "مدنية" للمعتقلين

المدن - ميديا

الجمعة 2018/07/27
بدأت الحكومة السورية بإصدار شهادات وفاة للمعتقلين السياسيين في سجون النظام، بمعدّلٍ لم يسبق له مثيل، في محاولة لكشف مصير آلاف السوريين المفقودين جرّاء الحرب الأهلية المستمرة، بحسب ما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست"، كاشفة أنه منذ الربيع الماضي أصدرت دوائر النفوس الحكومية المئات من هذه الشهادات، التي يشير العديد منها إلى أن السجناء ماتوا منذ بداية الصراع.


وعلى الرغم من أن المسؤولين السوريين لم يقدموا تفسيراً لسبب إصدار شهدات الوفاة بهذا الشكل المتسارع، إلا أن هذا الأمر يشير إلى عقلية القادة السوريين، التي تصعب قراءتها في هذه اللحظة المحورية من الحرب، على ما تقول "واشنطن بوست". وتنقل الصحيفة الأميركية عن مراقبين وخبراء حقوق الإنسان تفسيرهم بأنّ سلطات نظام الاسد لم تعد تخشى من أنها ستثير ردود أفعال غاضبة أو مقاومة عنيفة، من خلال الكشف عن عدد الوفيات في سجون النظام، الذي ينهمك مؤخراً بالترويج لـ"انتصاراته" بعد بسط سيطرته على العديد من المناطق التي كانت تسيطر عليها قوى المعارضة، بدعم من روسيا وإيران.

ومنذ بدء الثورة السورية في العام 2011، تم احتجاز أكثر من 104 آلاف شخص أو إخفائهم قسراً، وفقاً للشبكة السورية لحقوق الانسان. ويعتقد أن 90% منهم محتجزون لدى الحكومة، عبر شبكة من السجون التي يستخدم فيها التعذيب والتجويع ومختلف أشكال التنكيل. في حين يعتقد أن الـ10% المتبقين تحتجزهم جماعات مسلحة أخرى.

وقال محامون مطلعون إن وزارة الدفاع السورية أرسلت في الأشهر الأخيرة أسماء مئات المعتقلين إلى مكاتب السجلات المدنية في جميع أنحاء البلاد، وأصدرت تعليمات لتسجيل هؤلاء السجناء كأموات. وقد تم تسجيل الوفيات في محافظات دمشق وحمص وحماة واللاذقية في الأسابيع الأخيرة. وتصدر مكاتب السجلات المدنية شهادات وفاة تتضمن معلومات قليلة عن المتوفى. ويتم إصدار شهادات الوفاة الأخرى من قبل المستشفيات العسكرية، المخولة بإصدار شهادات رسمية وتقارير طبية حول أسباب الوفاة. 

وكشفت معظم الوثائق التي اطّلعت عليها "واشنطن بوست" أن المعتقلين ماتوا بين العامين 2013 و2015. وتشير الصحيفة إلى أن شهادات الوفاة الصادرة في مدينة حماة المركزية كتبت ليلاً في محكمة دمشق العسكرية. ويشير هذا التوقيت إلى أنّ السجناء أعدموا، وفقاً لجماعات حقوقية.

وكان سجناء سابقون، أفرج عنهم في أيار/مايو الماضي من سجن صيدنايا العسكري بالقرب من دمشق، قد تحدثوا عن عمليات إعدام للمحتجزين، وتعذيب ممنهج وحجب الرعاية الطبية العاجلة، ومنع حصص الاعاشة عنهم، بحيث توفي زملاء لهم في الخلية نفسها، بسبب التعذيب أو الجوع وسوء التغذية.

وانشغلت وسائل الاعلام السورية المعارضة مؤخراً بقراءة وتحليل أسباب ودوافع إرسال شهادات وفاة المعتقلين إلى دوائر النفوس بشكل متسارع ولافت. ونقلت قناة "أورينت" عن ناشط حقوقي قوله إنّ السبب المرجح لهذه الخطوة يعود لضغوط دولية على نظام الأسد من أجل الكشف عن مصير المعتقلين في سجونه، حيث يسعى النظام إلى تصفية أكبر قدر من المعتقلين وإخراج شهادات وفاة لهم من أجل أن يستلمها أهاليهم من دوائر النفوس الحكومية في دمشق، خصوصاً مع محاولات فتح ملف المعتقلين في مؤتمر أستانة بين روسيا وتركيا وإيران.

من جانبها، قالت نور الخطيب، المسؤولة عن ملف المعتقلين في "الشبكة السورية لحقوق الانسان"، إنّ النظام قام بتوفية عدد من المختفين قسرياً في دوائر السجل المدني في محافظات عديدة، وقد سجل الناشطون في "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" بأن النسبة الأكبر من المختفين كانوا من محافظات حماة واللاذقية. وأضافت الخطيب في تصريح لـ"أورينت"، بأنّ هذه الخطوة هي تلاعب من قبل النظام في السجل المدني وحتى لا يقوم بإعطاء شهادات وفاة صادرة عن الشرطة العسكرية لوفاة المعتقل في الفرع الأمني، يقوم مؤخراً بتوفيته تلقائياً في السجل المدني من دون الإشارة إلى أسباب الوفاة أو مكانها.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024