باسيل استدان من الجميع.. ولا يسدد فواتير أحد

قاسم مرواني

الأربعاء 2020/11/18
اعتمد جبران باسيل، في ممارسة السياسة، على محاولة إرضاء الأطراف كافة، كما ابتزاز الأطراف كافة، وعلى مدى 15 عاماً من ظهوره على الساحة اللبنانية، استدان من الجميع، ولم يَفِ دَيناً لأحد حتى الآن.

أبدى للأميركيين رغبة الوقوف في وجه حزب الله، وفي الوقت عينه، دعم الحزب حتى النهاية. طالب الدول الأوروبية بالدعم المالي لقاء استضافة النازحين، وفي الوقت نفسه، هدد بإرسالهم إلى اوروبا مدعياً أنهم السبب الرئيس في مشاكل البلد. 
في مقابلته الأخيرة مع قناة "الحدث" التلفزيونية، أطلق العديد من المواقف الحادة، لكنه أرفق كل موقف بالمَخرج المناسب له. معارضوه هللوا لمواقفه، بينما حمل مؤيدوه المخرج بوجههم. 

في موضوع "حزب الله"، صرّح باسيل أنه مستعد لقطع العلاقة مع الحزب، لكن بشرط أن تضمن الولايات المتحدة أمن لبنان وحمايته وتقوية الجيش اللبناني ليصبح قادراً على مواجهة اسرائيل. موقفه هذه لا يختلف عن موقف حزب الله حين يُسأل عن تسليم سلاحه للدولة، وهو الذي يربط سلاحه بضعف الجيش اللبناني وافتقاره للأسلحة المتطورة. 

الطرفان، باسيل وحزب الله، يعلمان جيداً أنه من المستحيل على الجيش اللبناني، كما الكثير من جيوش المنطقة والعالم، مضاهاة جيش اسرائيل بالعتاد والتسليح طالما استمر التفوق والدعم الأميركيين، وهذا واقع لن يتغير في المستقبل القريب ولا المتوسط، لذلك فإن ربط سلاح الحزب بتسليح الجيش مجرد حجة للإحتفاظ بالسلاح. 

في موضوع الفساد قال باسيل بأنه مستعد لترك الحياة السياسية في حال ثبت تورطه في الفساد، متحدياً الأميركيين نشرَ التقارير التي تدينه، أما في حال أقدم الأميركيون على نشر هذه التقارير، فاعتبر باسيل أنها ستكون تقارير مزورة، فهو يدرك جيداً تمرس السياسيين في صعوبة اثبات التهمة على أحدهم وسهولة رمي الآخرين بتهمة التزوير وتلفيق التهم في ظل غياب مفهوم المحاسبة لدى اللبنانيين وعدم اعتيادهم على وجود سلطة قضائية مهمتها اثبات التهم أو ردّها. 
اتهم باسيل الجيش اللبناني بالتقصير في محاربة داعش، لكنه أعاد تقصيره إلى القرار السياسي المتحكم في الجيش حيث تضيع المسؤوليات ويصبح من المستحيل تحديد المسؤول عن خطف وقتل جنود لبنانيين على يد داعش. وفي موقف متمايز عن مواقف التيار الوطني السابقة، وعن موقف حزب الله، قال بأنه ضد تدخل حزب الله في سوريا والدول العربية الأخرى، وهو يقف إلى جانب الدول العربية مع أي اعتداء خارجي عليها. 

يجد جبران باسيل نفسه اليوم في موقف حرج، بعدما استدان من الجميع على مدى 15 عاماً وحان الوقت لسداد ديونه، فلا هو قادر على اتخاذ موقف إلى جانب حزب الله، ولا ضده، لا مع الجيش اللبناني ولا ضده. 

الجميع ينتظر منه شيئاً لا يعرفه، وحزب الله يدرك جيداً مأزق حليفه، فأعطاه بعض الحرية في أن يقف ضد التدخلات الخارجية وإلى جانب الدول العربية، لكن من دون أن يحيد عن السلاح، ملتزماً الصمت إزاء كل الهفوات التي سقط في ها، في مقابلة محبوكة بشكل جيد جداً. 
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024