سوريون وعراقيون بين بولندا وبيلاروسيا.. الموت برداً، صعقاً، وترحيلاً

المدن - ميديا

الجمعة 2021/11/12
عادت الصور الصادمة والمؤلمة لطالبي اللجوء في أوروبا للظهور من جديد، ليس من اليونان أو إيطاليا أو البحر المتوسط، كما جرت العادة خلال السنوات الأخيرة، بل من المنطقة الحدودية بين بيلاروسيا وبولندا.

ويعاني آلاف اللاجئين في ظل ظروف إنسانية صعبة بمنطقة شديدة البرودة، آملين أن تنتهي متاعبهم بعبور الحدود إلى بولندا. وفيما تنتشر صور ومقاطع فيديو وتقارير إعلامية عن الاعتداءات الممنهجة على الأفراد العالقين هناك، يخشى مراقبون من أن تنزلق الأمور نحو صدام عسكري بين بيلاروسيا وبولندا، في ظل تراشق إعلامين بين الدولتين، ومن خلفهما يقف كل من روسيا والاتحاد الأوروبي على التوالي.


وفيما يتجمع آلاف المهاجرين اليائسين في البرد القارس على الحدود، ومعظمهم من العراقيين وتحديداً الأكراد، تتهم وارسو، موسكو ومينسك، باستخدامهم كورقة لزعزعة استقرار الاتحاد الأوروبي. فيما تمتلئ مواقع التواصل، السورية والعراقية تحديداً، منذ أسابيع، بقصص العذاب والقهر التي يعيشها طالبو اللجوء في المنطقة. كما تم تسجيل حالات وفاة بسبب شدة البرد في صفوف اللاجئين، فضلاً عن الإعلانات المتكررة بالعثور على جثث لاجئين توفوا في ظروف غامضة في المناطق الحدودية بين بيلاروسيا وبولندا وليتوانيا.

وانتشرت، الجمعة، صورة لطالب لجوء سوري تعرض للضرب بشكل مبرح من قبل حرس الحدود، فيما قرر العراق تخصيص مبلغ مالي للمساعدة في إعادة رعاياه العالقين في بيلاروسيا وليتوانيا وبولندا طوعاً إلى البلاد، حيث يغادر مئات العراقيين من معبر إبراهيم الخليل بين العراق وتركيا، وقبل ذلك من المطارات العراقية، إلى بيلاروسيا كبوابة للعبور نحو دول أوروبية أخرى.


وترفض بولندا السماح للمهاجرين بدخول أراضيها وأرسلت مئات الجنود كتعزيزات إلى الحدود في الأسابيع القليلة الماضية، فضلاً عن إقامة سياج من الأسلاك الشائكة، في محاولة لوقف أي محاولات من جانب المهاجرين لاختراق الحدود.

وروت صحيفة "نيويورك تايمز"، تفاصيل اعتداءات نفذتها الشرطة الليتوانية والبيلاروسية، على المهاجرين العابرين إلى أراضيها، تجاه أوروبا. فعلى الجانب الليتواني، استدعت مجموعة من الكوماندوز مهاجراً عراقياً (37 عاماً) قال أنهم أخذوه وأصدقاءه بعيداً، وبدأوا بضربهم بالعصي والأسلاك البلاستيكية، وصدمهم بمسدسات الصعق. وقال إن آثار كدمات عميقة على جنبه وظهره.

وروى المهاجر أن الشرطة قالوا له خلال ضربه: "ليس لك الحق في المجيء إلى بلدنا، أنت تجعلها قذرة"، مضيفاً أن الكوماندوز يرتدون ملابس سوداء، ويلبسون أقنعة، أخذوا هواتف المهاجرين، وحذروا من أن يكونوا التقطوا مقاطع فيديو للأكراد، الذين سيتعرضون للضرب بشكل أسوأ بكثير إذا عادوا.


وأشارت الصحيفة إلى أن المهاجر عاد إلى مينسك لعلاج جراحه في فندق بكلفة 100 دولار أميركي في الليلة من المهاجرين، مقابل عدم إبلاغ السلطات عن تأشيراتهم منتهية الصلاحية. وذكر أنه بعد يومين، أجبرته شرطة بيلاروسيا مرة أخرى على الذهاب إلى الحدود، لكنه كان يخشى العبور.

ولفت المهاجر العراقي إلى إنه أنفق 6000 دولار للوصول إلى تركيا ثم بيلاروسيا، إذ فرّ من نزاع قبلي في العراق عرّض حياته للخطر. وهو أب أعزب، يأمل في الوصول إلى بريطانيا لكسب المال لإرساله إلى ابنه، البالغ من العمر 14 عاماً، ووالدته المريضة. وقال أنه يخطط لمحاولة عبور الحدود مرة "حتى لو فقدت حياتي".

ونقلت الصحيفة عن مهاجر آخر من مدينة السليمانية، أنه ذهب أيضاً إلى بيلاروسيا، حيث قام ضباط الشرطة البيلاروسية بصدمه بمسدس صعق، وضربوه، أثناء ترحيلهم الأسبوع الماضي. وقال: "على درج الطائرة صدموني، وأخذوا هاتفي لأنني كنت أقوم بإرسال تقارير حية".

وأشار إلى أنه تلقى تهديدات بشأن عمله في كردستان، ويخطط لتقديم طلب لجوء في بيلاروسيا. لكن بدلاً من سماع ادعائه، قامت السلطات البيلاروسية بوضعه على متن طائرة، ليس إلى العراق، بل إلى سوريا، حيث احتجزته الشرطة سيئة السمعة هناك لمدة أربعة أيام قبل السماح له بالعودة إلى العراق.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024