صحتك من صحة المعلومات: التضليل الإعلامي يقوّض المساواة

نور صفي الدين

الأربعاء 2021/11/10
يجمع الناس على أن معلومة واحدة كفيلة بإنقاذ حياة شخص أو موته، وخصوصاً في زمن الحروب والأزمات والأوبئة. من هذا المنطلق، بات الاعلام مفتاح الحصول على الخدمات، شريطة أن يقدم معلومة حقيقية، مستندة الى مصادر، ومحتوى خالياً من الأخبار الزائفة ويتضمن آلية لمكافحته. 
والواقع أن الدفق الهائل للمعلومات من غير أن يكون آمناً لجهة خلوه من المعلومات المضللة، قد يعرقل جهود الوصول الى معلومات الصحة العامة. لذلك، جاءت "ورقة سياسات حول تعزيز الوصول الى المعلومات الصحيّة في الشرق الأوسط" التي أطلقتها مؤسسة "مهارات" على شكل حملة الكترونيّة تحمل وسم (#صحتك_من_صحة_المعلومات)، مبادرة شاملة لتفعيل دور الاعلام في الميدان الصحي. واللافت أنّ هذه الورقة تنظر الى الرابط بين الاعلام والصحة العامة والمساواة. وتتوجه في توصياتها الى صناع القرار، والصحافيين، والمجتمع المدني.

وتنطلق الجهود من ثابتة إن إقصاء الاعلام عن عملية إدارة الأزمة أو تغييبه أو تهجيره سيحول دون الوصول الى النتائج المرجوه. والواقع أنّ الاضطلاع بهذا الدور يعني إعادة النظر في العلاقة التي تجمع الاعلام وغيره من الفئات الفاعلة في المجتمع.


تحمل الورقة خمسة عناوين أساسية ملحقة بإرشادات لمحاربة التضليل، وضمان التواصل الفعال، وحماية الأمن الوطني، وتحسين التواصل مع السكان المحرومين بالإضافة الى دعم دور الاعلام في تغطية وباء كورونا. وتختلف الارشادات بحسب الجهة التي تتوجه اليها، لتقدم ما يشبه بمنهجية مشتركة لتحالف عملي ثلاثي الأبعاد بين الدولة والمؤسسات الإعلامية والمنظات غير الحكومية.

تطرح الورقة من ضمن عناوينها قضية "عدم المساواة" ودور الاعلام في الحد منها. واستناداً الى مقابلات واستطلاعات أجرتها المؤسسة بالتعاون مع "انترنيوز"، توصلت الى أنه "غالباً ما يكون الأشخاص الأكثر ضعفاً هم الأقل احتمالًا للوصول الى المعلومات، أو المساعدة التي قد تكون متاحة لهم". وتتقاطع هذه النتيجة مع دورالاعلام في "تحسين التواصل والمشاركة مع السكان المحرومين من الخدمات"، حسب التوصيات المذكورة.

وفي وقت أضحت فيه السرعة سمة بارزة في وصول المعلومات عبر وسائل الاعلام، غدت وسائل الاعلام أرضاً خصبة للشائعات. ومع هذا التحول، شهد المتلقي ولادة العديد من الشبكات المحلية والدولية المتخصصة في مكافحة الشائعات والأخبار الكاذبة. وتكشف الورقة عن آثار الشائعات في الفئات الضعيفة وتتناول طرقاً متنوعة لمحاربة التضليل الإعلامي.


أثبت وباء كورونا أن دورالاعلام لا ينحصر في نقل الخبر وحده، وإنما يمتد الى التحقق منه والعمل على نشر الوعي لضمان السلامة الصحيّة للأفراد وما يستتبعه من ضمان للأمن الصحي الوطني. 

ومن نافل القول أنّ هذه الجهود التي تبذلها المؤسسات المهتمة بقضايا الاعلام هي مقدمة نحو تطوير التربية الإعلاميّة في البلاد، خصوصاً اذ ما توجهت المؤسسات الإعلاميّة الى تبني هذه التوصيات وإرفاقها بتدريبات للعاملين في القطاع الإعلامي. 

وتشكل هذه التوصيات التي توصلت اليها مؤسسة "مهارات" ضمن الورقة، نواة خطة اعلاميّة وصحيّة شاملة للتعامل مع أزمات صحيّة أو أوبئة قد تستجد في المستقبل. فتطوير التربية الصحية لا يمكن أن يتحقق اذا لم يتصل بشكل وثيق مع التطور في المجال الإعلامي. والحال شبيه في التعامل مع أزمات أخرى، فالحد من المخاطر وتأمين الوصول الى المعلومات الصحيحة في أي مجال ينطوي على الحقوق الأساسية للأفراد، يقضي بأن يكون الاعلام جزءاً من خطة وطنية شاملة، بل شريكاً في وضع هذه الخطة.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024