صرخات الطلاب اللبنانيين في الاغتراب تُحرك الدولة.. أخيراً!

حسن مراد

الخميس 2020/03/26
لم يجد الطلاب اللبنانيون في بلاد الاغتراب، مطلع هذا الأسبوع، وسيلة أكثر نجاعة من رفع صيحات الاستغاثة في مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما ذاقوا الأمرّين: الشح المستمر في التحويلات المالية من جهة، وأزمة الكورونا من جهة أخرى. سعوا إلى تسليط الضوء، بشتى السبل، على أوضاعهم المعيشية الصعبة، ولم يوفروا وسائل التواصل الاجتماعي لقرع جرس الإنذار. 
عبر الوكالة الوطنية للإعلام، وجه الطلاب المقيمون في إيطاليا رسالة إلى وزيرة الاعلام لشرح ظروفهم الحياتية، لا سيما أن جزءاً كبيراً منهم يقيم شمالي البلاد، أي في بؤرة الوباء.
  
في حديث لـ"المدن"، يشير الطالب محمد كمال إلى أنه تم توجيه هذه الرسالة بعد التواصل مع نحو 150 طالب لبناني في إيطاليا، بغية مناشدة الجهات المعنية للالتفات إليهم خاصة لناحية اجلاء من يرغب بتمضية فترة الحجر في لبنان بعد تردي أحوالهم المادية. وأضاف كمال أنه منذ بداية أزمة الكورونا، جرى التواصل والتنسيق مع أعضاء السلك الديبلوماسي اللبناني الذين أبدوا تجاوباً كبيراً لحلّ مشكلة التحويلات المالية حتى قبل توجيههم للرسالة المذكورة.

قنصل لبنان في ميلانو، خليل محمد، أكد من جهته لـ"المدن" إنشاء خلية أزمة لتوفير كل ما يحتاجه الطلاب اللبنانيون، مادياً ومعنوياً، مشيراً إلى مبادرة أفراد من الجالية للتبرع والتنسيق مع الخلية. وخصّ بالذكر الأطباء اللبنانيين الذين أبدوا كل استعداد للوقوف إلى جانب الطلاب بالتوازي مع عملهم في الخطوط الأمامية للحد من انتشار فيروس كورونا. 

من جانبه أثنى محمد كمال على جهود السفارة اللبنانية ومختلف القنصليات، كما المتبرعين، ما أدى إلى تحسنٍ في ظروف الطلاب، مشيداً أيضاً بالاهتمام الذي ابدته الجهات الرسمية اللبنانية حيالهم. كمال أعاد التذكير برغبة العديد من الطلاب بالعودة إلى لبنان تفادياً للإصابة بالفيروس، خصوصاً أنه ما من أفق للحل في القريب العاجل. 

ورغم تجاوب شركة "ميدل ايست" واستعدادها لإجلاء من يرغب، إلا أن هذه العودة دونها عقبات بسبب إجراءات الحجر وخطة الطوارئ التي فرضتها السلطات الإيطالية. 

ولا تختلف مطالب الطلاب اللبنانيين في فرنسا عن اقرانهم في إيطاليا، لناحية الاجلاء وتوفير المساعدات. عبر صفحة "تكتل طلاب الجامعة اللبنانية" نشرت مي طه، الباحثة في مجال تطوير الأدوية، فيديو أكدت فيه استفحال الأزمة المادية للطلاب بعد انتشار الكورونا. فقبل الحجر، تمكن بعضهم من إيجاد عمل للتعويض عن شح التحويلات المالية ما مكّنهم من سدّ احتياجاتهم. إلا أن الظروف تبدلت بعد الحجر الصحي الذي فرضته السلطات الفرنسية إذ لم يعد لهم مصدر دخل. 



السفارة اللبنانية في فرنسا شكلت بدورها خلية أزمة للبنانيين عامةً والطلاب خاصة. من خلال صفحتها في فايسبوك وضعت رقمين هاتفيين بتصرف المحتاجين. وعبر "الواتساب" تم التداول برسالة مفادها أن السفارة تعمل على تذليل العقبات لإجلاء من يرغب إلى لبنان. وأشارت طه لـ"المدن" الى أن الطلاب اللبنانيين مهتمون بالعودة إلى بلدهم بعد إغلاق الجامعات لأجل غير مسمى.

وبانتظار توصل خلية الأزمة إلى نتائج ملموسة، انطلقت مبادرات فردية من قبل أفراد من الجالية اللبنانية. مالك أحد المطاعم في ليون (تمنى عدم ذكر اسمه) أشار في حديث لـ"المدن" أنه يعمل منذ أربعة أيام على جمع أسماء وعناوين الطلاب اللبنانيين الذين ضاقت بهم السبل لتوفير ما يلزمهم من مواد غذائية ليبدأ توزيعها في القريب العاجل. مبادرة انتشرت عبر الواتساب. بالتوازي تطوع سبعة أطباء نفسيين لدعم خلية الأزمة التي انشأتها السفارة ومواكبة اللبنانيين في حجرهم الصحي. 


وكانت صفحة "تكتل طلاب الجامعة اللبنانية" قد نقلت أصوات المغتربين في شتى الدول، حيث اعادت نشر فيديوهات لطلاب لبنانيين في أوكرانيا وجورجيا، تظهر انعكاس اجراءات الكورونا عليهم، ما فاقم مشاكلهم الحياتية التي بدأت مع أزمة التحويلات المصرفية من لبنان إلى الخارج. وقد شدد أصحاب الفيديوهات على ضرورة اجلائهم، إذ اتضح أن سكان هذين البلدين لا يلتزمون بإجراءات الحجر الصحي، وعليه باتت سلامة الطلاب اللبنانيين على المحك.  

تأثير أزمة المصارف في ظروف الطلاب اللبنانيين ليس بالأمر الجديد. لكن أزمة الكورونا زادت الطين بلة: فتوقف حركة النقل الجوي وإقفال المنشآت الاقتصادية في بلدان الاقامة بفعل الحجر الصحي أعاق أي حل بديل. 

صحيحٌ أنهم يتوزعون في بلدان، لكن مطالبهم مشتركة: طلب المساعدة والإجلاء. مطالب يبدو أنها تلقى تجاوباً رسمياً خصوصاً مع تشكيل وزارة الخارجية خلية أزمة لمتابعة هذا الملف. 

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024