إغلاق "دمشق الآن": إعادة الإعلام المُوالي إلى الحظيرة

المدن - ميديا

الإثنين 2018/03/19
بات واضحاً أن النظام السوري يحاول إعادة سيطرته بصورة "مجنية" على الإعلام في البلاد، بما في ذلك الإعلام الموالي له، بعد القرار المفاجئ بإغلاق صفحة "دمشق الآن" في "فايسبوك"، إحدى أكثر المنصات الإعلامية الموالية، جماهيرية، يوم الأحد، بموازاة إعلان صاحبها، وسام الطير، اعتزاله العمل الإعلامي نهائياً.


وفيما ادعت صفحات "بديلة" لـ"دمشق الآن" أن الصفحة أغلقت بحظر من طرف إدارة "فايسبوك"، يبدو ذلك غير مرجح على الإطلاق، لأن الصفحة حريصة على بث دعايتها السامة من دون أن تخرق شروط "فايسبوك" ومعاييره، وتحديداً في ما يخص بث الصور وحقوق الملكية الفكرية. وهو ما تأكد لاحقاً بإعلان الطير اعتزاله العمل الإعلامي، والتي ربطها بزيارة رئيس النظام للغوطة الشرقية.



والحال أن النظام يروج لمعركة الغوطة بأنها نهاية الحرب التي يقوم بها في البلاد، في المرحلة الحالية على الأقل، وبالتالي يأتي إغلاق الصفحة ضمن جهود مستمرة منذ مطلع العام الجاري، لإزالة مظاهر العسكرة عن الإعلام وإعادته للمركزية في دمشق، ويمكن تلمسها في قرار وزير الإعلام الجديد عماد سارة بعزل المراسل الحربي البارز شادي حلوة وإبعاده عن برنامجه الشهير "هنا حلب"، فضلاً عن القرارات المشابهة بحق إذاعة "سوريانا" وإدارتها، فضلاً عن قرار جدلي أصدرته وزارة الدفاع السورية بمنع الجنود من نشر صورهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

ويشير ذلك إلى رغبة النظام في إحداث تغييرات جذرية في الأداء الإعلامي الرسمي وشبه الرسمي "المنفلت" بتخفيف مظاهر العسكرة فيه، مع ترويج النظام بشكل متزايد فكرة نهاية الحرب، رغم كونه يخوض معارك متفرقة في مناطق كإدلب والغوطة الشرقية، فضلاً عن ضبط الصورة وتدفق المعلومات عبر مواقع التواصل، وحصر ذلك بالصور والمعلومات التي يوافق عليها أولاً.

والحال أن تهميش "دمشق الآن" وصاحبها وسام الطير المقرب من أسماء الأسد، زوجة بشار الأسد، مرحلي على الأغلب، فالصفحة التي تتبع للقصر الجمهوري مباشرة انتهت مهمتها في الحشد العسكري والشعبي، أما الطير فمن المؤكد أنه سينال تكريماً أو منصباً أو مكافأة من نوع ما، لضمان بقائه كشخصية عامة موالية للنظام، وليس مجرد داعم إلكتروني أو مراسل حربي كما يتم التعريف به حالياً.

ومن المرجح أن يفرض النظام السوري في المرحلة القادمة، قيوداً مشددة على النشاط عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فبعد إصدار قوانين صارمة للجريمة الإلكترونية مؤخراً، قد يفرض النظام على "الناشطين الموالين" شرط الحصول على ترخيص من أجل إنشاء صفحات فاعلة عبر مواقع التواصل، على طريقة "دمشق الآن" خلال السنوات الماضية، وهو أمر تساهل فيه النظام خلال سنوات الحرب، لأنه لم يكن متفرغاً لفرض رقابة صارمة من جهة ولأن مواقع التواصل شكلت متنفساً لامتصاص غضب الموالين المستائين من سياسات النظام الداخلية والخدمية.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024