أسماء الأسد تدوس على جراح عائلة اغتُصبت طفلتها وقُتلت!

المدن - ميديا

الأربعاء 2020/07/22
لا يخجل النظام السوري من استغلال معاناة السوريين الشخصية على كافة المستويات من أجل تلميع صورته وخلق دعاية جديدة تظهر رموزه كقادة ملهمين، ولو اقتضى الأمر الدوس على جراح عائلة قُتلت ابنتها اليافعة بعد تعرضها للاغتصاب، في جريمة عنيفة هزت المجتمع السوري مؤخراً، في سياق انفلات أمني زادت معه الأنباء عن الجرائم الجنائية في الفترة الأخيرة.


وظهرت أسماء الأسد، زوجة الرئيس السوري بشار الأسد، في صور نشرتها معرفات "رئاسة الجمهورية" في مواقع التواصل، وهي تستقبل عائلة الطفلة سيدرا زيدان (13 عاماً) التي كانت ضحية جريمة مروعة في منطقة دريكيش بالساحل السوري، من أجل إلقاء محاضرة عليهم حول معنى الوطنية وضرورة الصمود في وجه الحرب الكونية على "الدولة السورية".

كمية الاستحقار الذي تمارسه أسماء في هذا الموقف، لمشاعر العائلة من ناحية، وللسوريين عموماً من ناحية ثانية، لا يصدق. فهي حتى لا تكلف نفسها عبء زيارة العائلة في منزلهم، مثلما كانت تفعل قبل سنوات مع بقية أفراد عائلتها، بل تقوم باستدعائهم إلى العاصمة دمشق من أجل تلميع صورتها الشخصية. من أجل أن تمدح العائلة بكلمات مثل: "اللي سمعناه عن حادثة سيدرا شي ما بيتخيلو العقل... لكن بنفس الوقت الطريقة اللي انتو تعاملتو فيها مع الموضوع.. والصبر والإيمان اللي كان عندكن.. رغم كل التحريض اللي سمعتوه وعم تسمعوه... هاد شي مهم ودليل وعي وحكمة منكن".



والحال أن يكون شخص موالياً للنظام السوري ليس مهمة سهلة ومريحة مثلما قد يعتقد البعض، عطفاً على الدعاية التي يروجها خطابه الإعلامي والدبلوماسي للحياة تحت حكمه بوصفه سلطة عادلة وعصرية بعكس المعارضة "الإرهابية والمتخلفة"، فذلك الولاء يعني حكماً الحياة تحت شروط قاسية تبدأ من الإذلال الاقتصادي اليومي في طوابير الانتظار لتحصيل الحاجات الأساسية اليومية من الخبز إلى البنزين، وصولاً للخدمة العسكرية الإلزامية التي تبدأ ولا تنتهي، وليس انتهاء بالحاجة لإظهار الخضوع بهذه الطريقة المهينة للكرامة البشرية.

وتحاول أسماء هنا إظهار نفسها كشخصية رسمية تحمل جانباً إنسانياً على غرار رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أردرن على سبيل المثال، التي برزت في الساحة العالمية العام الماضي، كقائدة ملهمة بعد المجزرة الأخيرة التي ضربت بلادها، باحتضانها لعائلات الضحايا في مشهد مؤثر. وفيما قدمت أردرن نموذجاً معاصراً لمعنى القيادة الحقيقية لجميع المواطنين من دون تمييز، فإن أسماء تناقض ذلك أسماء تماماً، حيث تقدم نفسها كزوجة ديكتاتور يجب تقديم فروض الطاعة لها لا أكثر.

ولا تلقي أسماء التي أدرجت في لوائح العقوبات الأميركية مؤخراً، بالاً للعائلة بل تأخذ من قصتهم مثالاً للحديث عن أن "الدولة السورية هي دولة قانون" وأن "القانون أكيد رح يتطبق" من دون أن تنسى الحديث عن أن الحرب هي المسؤولة عن الفلتان الأمني الحالي: "عشر سنين حرب أظهرت قضايا ومشاكل ما كنا نتوقعها... البداية كانت عسكرية... اليوم عم نعيش حرب اقتصادية... وكل ما مر الزمن عم نشوف أكتر وأكتر مشاكل اجتماعية".

وكانت البيئة الموالية للنظام مؤخراً اشتكت بشكل واسع من مسألة الفلتان الأمني التي أسفرت عن أخبار جرائم متلاحقة، تراوحت بين الاغتصاب والقتل الجماعي. وتحدثت الصفحات الموالية عن الاستهتار في التعامل الرسمي مع هذه القضايا الجنائية التي كانت الشرطة تجافي التحقيق فيها في بعض الأحيان، بما في ذلك بلاغات المفقودين إلى حين العثور على جثثهم.

والحال أن أسماء لم تكن بعيدة من سياسات النظام السوري الإجرامية، بل لعبت، منذ مطلع الألفية، دوراً بارزاً في تلميع صورة النظام أمام المجتمع الدولي، كوجه "لطيف" يمثل القوة الناعمة للنظام من أجل إيصال أفكاره بشكل "خطاب ودي شخصي" أقل رسمية. وأطلقت على نفسها عدة مرات لقب "أم الكل" مكرسة وجودها البارز في القصر الجمهوري، فضلاً عن مرافقة زوجها في سلسلة من اللقاءات والرحلات للمدنيين ومجندي النظام والجرحى، والتي هدفت لتخفيف الاحتقان الشعبي في بيئة النظام إزاء النزيف البشري الحاد في جيش النظام، وغياب نظام عادل للتعويضات الاجتماعية، أو حدّ زمني للخدمة العسكرية الإلزامية، والمشاكل الاقتصادية والخدمية التي تتفاقم يوماً بعد يوم.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024