حرب تركية عربية في "تويتر" بسبب فلسطين...لا من أجلها

المدن - ميديا

الجمعة 2020/01/31
استعرت الحرب التركية العربية في السوشيال ميديا بعد تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأخير حول "صفقة القرن".

وقال أردوغان في خطاب أمام مسؤولي حزب العدالة والتنمية في أنقرة، الجمعة، أن "القدس خطنا الأحمر"، متهماً بعض الدول العربية بارتكاب "خيانة" بالصمت إزاء خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام، مضيفاً: "إن لم نتمكن من حماية خصوصية المسجد الأقصى، فلن نتمكن غداً من منع تحول عيون الشر نحو الكعبة، لذلك نعتبر القدس خطنا الأحمر".

وامتلأ "تويتر" بالتغريدات التي رد فيها مغردون على خطاب أردوغان، بالقول أن الدول العربية هي التي حملت لواء القضية الفلسطينية طوال عقود، فيما رد آخرون بأن الدول العربية تخلت عن القضية الفلسطينية وباتت منفتحة للتطبيع مع إسرائيل، علماً أن الجدل اتخذ شكل نزاع سعودي - تركي، خصوصاً أن أمراء في العائلة المالكة السعودية، انضموا للجدل بتغريدات هاجمت أردوغان والخطاب التركي بشأن القضية الفلسطينية.

والحال أن تركيا التي تعثرت إمكانية انضمامها للاتحاد الأوروبي طوال السنوات الماضية، لسبب أو لآخر، اقتنعت منذ فترة بالبحث عن عمق ثقافي/سياسي جديد لها، وباتت تبحث عن زعامة للعالم الإسلامي ودور أوسع لها في منطقة الشرق الأوسط، فيما تبتعد أكثر فأكثر عن حلفائها الغربيين في حلف شمال الأطلسي "ناتو"، بتأكيد صفقة الصواريخ الروسية "إس 400" العام الماضي.

وأشار مغردون سعوديون إلى العمق العربي للرياض مقابل "أعجمية" تركيا، وطالبوا تركيا بتنفيذ التهديدات التي أطلقها أردوغان ضد إسرائيل في حالات سابقة لصفقة القرن، مثل تهديده بقطع العلاقات الدبلوماسية بين أنقرة وتل أبيب عند الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إلى القدس، قبل عامين.

ويتقاطع ذلك مع الخطاب القومي الناشئ في السعودية، التي اعتمدت طويلاً على الخطاب الديني للحصول على شرعية محلية من جهة وشرعية دولية بوصفها حامية للأراضي المقدسة. ويأتي الخطاب القومي/العربي الذي يشجعه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ضرورياً ليس فقط لتحديث اقتصاد المملكة وإبعاد التهم الغربية عنها بنشر الأصولية الإسلامية، فقط، بل أيضاً لتحدي المنافسين الإقليميين الذين باتوا يهددون زعامة السعودية للعالم الإسلامي، وتحديداً تركيا التي تتحدث نيابة عن العالم الإسلامي السني، كما يظهر في حديث أردوغان عن القضية الفلسطينية كقضية إسلامية.

يأتي ذلك في سياق فراغ أحدثه تراجع في القوة الغربية التقليدية في المنطقة، مع رغبة الولايات المتحدة، منذ عهد الرئيس السابق باراك أوباما، في الانسحاب من الشرق الأوسط، والتي تعززت لاحقاً بسياسة "أميركا أولاً" التي ينتهجها الرئيس الحالي دونالد ترامب. وربما يكون الصراع الإقليمي الأوسع في المنطقة تعبيراً عن رغبة في ملء ذلك الفراغ، بالاعتماد على سرديات ثقافية تعطي شرعية للفاعلين السياسيين وخياراتهم العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية. ويتسق ذلك كله بشكل مدهش مع نظرية "صراع الحضارت" التي صاغها المفكر الأميركي الراحل صامويل هنتنغتون العام 1996.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024