غضب الجمهور ينقذ "صار الوقت" من ضيوفه

نور الهاشم

الجمعة 2019/01/18
"فوضى" عمّت استديو برنامج "صار الوقت" لمدة أقل من دقيقتين، أنقذت الحلقة الاخيرة منه من مهدئاتها السياسية. كان يفترض أن تكون الحلقة "نارية"، وتكون مواجهة بين النائبين جورج عطا الله عن "التيار الوطني الحر"، وهاني قبيسي عن "حركة أمل". ولم تسر الحلقة في هذا الاتجاه، فبقيت تحت مستوى الضوابط السياسية، ليتغير مسار الحلقة بعد مواجهة كلامية بين الجمهور
هرج ومرج في الاستديو لمدة اقل من دقيقتين، كادت أن تفقد الاعلامي مارسيل غانم، ضابط الايقاع الدائم، السيطرة على الحلقة. اضطر للذهاب الى فاصل اعلاني قصير، انضبط الجمهور خلاله. فالخلاف اشتغل على خلفية مواجهة بين رأيين سياسيين، أحدهما يمثله "الكتائب"، والثاني يمثله مناصرو "أمل". تدخل النائب قبيسي على خط التهدئة، لكنه لم يضبط الصراخ والتهديدات المتعالية. وبعد الفاصل الاعلاني، كان الموقف قد تم التعبير عنه، فهدأت الحلقة مجدداً، وانتهت بصور تذكارية تظهر الوئام بين الجمهور. 

هذه المواجهة المفاجئة، للمرة الأولى في استديو "صار الوقت"، طرحت اسئلة كثيرة في مواقع التواصل الاجتماعي عن الاتجاه الذي يسلكه لبنان، بالنظر الى ان هؤلاء الشباب هم شباب جامعيون، ولم يعيشوا الحرب اللبنانية وانقساماتها، فضلاً عن أنهم يخضعون لتدريبات على النقاش والحوار، تظهر في فقرة "ديبايت" في ختام كل حلقة. 

لكن المناخ في مواقع التواصل، كشف أن معضلة لبنان بانقساماته، وعدم احترام حرية الرأي الآخر بالتعبير عنه، لا تزال قائمة، وتطوقها الحساسيات السياسية والطائفية، ورواسب الماضي الذي توقف عنده أحد الحاضرين في الاستديو بسؤال عن الفشل في الاتفاق على تاريخ موحد للبنان، وهي مشكلة ما زالت تعيق التقدم في المستقبل اللبناني، والسلم الأهلي، وتشتعل كل مرة عندما يتم المساس بالماضي ورموزه.

على أن فوضى الاستديو، أنقذت الحلقة الى حد كبير من هدوئها، بدليل زيادة التغريد في مواقع التواصل بشكل كبير حول المواجهة الكلامية، بمجرد حصولها، وهو ما حوّل الاتجاه الى شاشة "ام تي في". 

فالمواجهة التي كان يفترض أنها بين سياسيين، لم تحصل. اتخذت النقاشات منحى أكثر هدوءاً من التوقعات، فغرقت في "السلام" والتهدئة، قبل أن يشتعل الاستديو بصخب المعترضين من جمهور "حركة امل"، فأنقذتها من سلميّتها. وهو نمط لم يعتَده استديو "صار الوقت" الذي يستخرج من الضيوف التصريحات النارية، أو المعلومات الحصرية، أو يظهر الانقسام الحاد بين الأطراف. 

لا تصنع المسالمة بين نقيضين سياسيين، تجمعهما زمالة المقعد البرلماني، حلقة نارية. انه اعتراض مارسيل نفسه الذي فوجئ بهدوء الضيفين، وتهدئتهما المتبادلة في ملفات شائكة تحولت الى مادة خلاف مستمر، من ملف الحكومة الى ملف حضور ليبيا، وربما دعوة سوريا الى القمة الاقتصادية.

لكن غانم، في المقابل، كشف عن الانقسام بين التوجهات السياسية لشباب لبنان، وأن ما يجري من تهدئة على صعيد زملاء البرلمان، لا ينسحب على القاعدة. وهو ما أكده عندما سأل عن الأسباب التي تدفعهم لتوتير الشارع؟

ضيفا غانم، نقيضان يحترفان السياسة ولعبة الرسائل بين التهدئة والتوتير. ككل سياسيي لبنان، يحترفان خطاب فوق الطاولة، وخطاب ما تحتها. يسيطران على الموقف، ويضبطان مستوى التصعيد السياسي، وهو أمر لا ينسحب على الجمهور. فالجمهور أكثر شفافية، وخصوصاً عندما يشتبك المتعلمون.. لخلاف على التاريخ. 
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024