أضاع الفلسطينيون فرصة كسب التعاطف الدولي.. مجدداً

أدهم مناصرة

الإثنين 2017/03/20
أضاع الفلسطينيون فرصة نادرة لحشد رأي عام عالمي ضد اسرائيل، حين فشلوا في تنظيم مظاهرة الكترونية، إثر استقالة وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة العامة التنفيذية لمنظمة "الاسكوا" ريما خلف، من منصبها بعد الضغط عليها من قبل الأمين العام للهيئة الدولية لسحب تقرير يدين اسرائيل بصفتها "دولة عنصرية".

فالهاشتاغ المخصص لريما خلف، لم يستقر أكثر من ساعات في قائمة التداول، واختفى الخبر بعد مرور 24 ساعة، وذلك كون الفلسطينيين تعاطوا مع الخبر بشكل فردي، غير منظم، وتصدرهم الفلسطينيون في الشتات.

إثر انتشار الخبر، امتزجت مشاعر الفلسطينيين بين الثناء بشدة على موقفها الى حدٍ اعتبروه بطولياً ونضالياً، وكذلك بين الشعور بالإحباط إزاء حجم السطوة الإسرائيلية على المحافل القانونية الدولية وحالة "اللاعدالة" التي تسودها بفعل الضغط الأميركي التقليدي والمُحابي لإسرائيل.

في الواقع، لم يكن التفاعل كافياً ولا على القدر الذي يوازي حجم الحدث، على ما يبدو، ولم يصل الى مرحلة استغلال قصة الاستقالة بشكل مُنظم ومُنسق على منصات العالم الافتراضي، بل اتسم بالعشوائية وعدم التنسيق سواء عربياً أو فلسطينياً، وفقاً لأستاذ الاعلام الاجتماعي في جامعة بير زيت الدكتور محمد ابو الرب.

وتجلى هذا التفاعل مع خلف في سياقين هما التغريدات والهاشتاغ من جهة، والإعلام الإلكتروني من جهة ثانية. وتمثل التفاعل الأكبر بإعادة نشر نص الاستقالة او استخدام الكاريكاتور المتعلق بخروج ريما خلف من الأمم المتحدة، بَيْدَ أن التغريدة الأكثر انتشاراً كانت لهاشتاغ #شكرا_ريما_خلف، إذ بلغ ذروته يوم السبت، ثم سرعان ما بدأ بالإنخفاض بشكل ملموس بعد ساعات فجر الأحد.

ويقول أبو الرب إن الهاشتاغ المذكور حاز على 420 تغريدة في غضون اقل من 24 ساعة، غير أن الأهمية ليست في العدد وإنما وصولها لنحو 4 ملايين شخص خلال المدة الزمنية المُشار إليها، الأمر الذي يُظهر مدى حجم التفاعل مع هذا الهاشتاغ تحديداً.

وبناء على تتبع "المدن" لفضاء الاعلام الاجتماعي (فايسبوك وتويتر)، إتضح أنه بالرغم من أن الساحة الفلسطينية لم تشهد احداثاً كبرى تلفت نظر الشارع الفلسطيني عن حكاية استقالة ريما خلف، إلا أن النسبة الأكبر من المغردين بـ #شكرا_ريما_خلف كانوا من المقيمين في بريطانيا والولايات المتحدة ويستخدمون اللغة العربية، وتفوق عددهم على الفلسطينيين أو الذين يقيمون في دول عربية، مع العلم أن الهاشتاغ المذكور لم يصل الى قائمة الأكثر تداولاً.

الاكيد أن التفاعل كان عشوائياً وغير منظم، ولم يُستثمر الحدث بالشكل المطلوب، إذ أن الأمر لو كان معاكساً لإسرائيل، لاستثمرته الأخيرة خير استثمار، ولجعلته قضية رأي عام عالمي؛ ذلك بفعل عدم وجود تنسيق مُسبق ضمن حملة يقودها نشطاء الاعلام الاجتماعي الفلسطينيين والعرب. ويوجه ابو الرب نقداً لاذعاً لهذا التفاعل العشوائي الذي لم يعكس رسالة فلسطينية قوية للأمم المتحدة التي تراقب وترصد ما يدور في الاعلام الاجتماعي.

ويضيف: "حبذا لو كان هناك تنسيق مُسبق لتعميم هاشتاغ موحد على كل رواد التواصل الاجتماعي سواء كانوا فلسطينيين أو عرباً حتى تكون الرسالة اقوى وتُصاغ بطريقة سليمة، بما يسهم في توظيف الهاشتاغ باتجاه الحصول على رجع صدى أكثر قوة".

وبالإنتقال إلى منصة الاعلام الالكتروني، نُشر أكثر من 1000 تقرير وخبر صحافي ومادة في المحتوى العربي تتعلق بريما خلف واستقالتها من الهيئة الأممية. وأما فلسطينياً فالمحتوى الالكتروني يُظهر أن نحو 103 من العناوين البارزة توزعت بين خبر الإستقالة، ونص الاستقالة، وتكريم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لها.

ويخلص خبراء الاعلام الاجتماعي إلى نتيجة مفادها أن استقالة خلف اثر الضغوط التي مورست عليها لسحب تقرير يدين إسرائيل لم تحظ بالتفاعل الفلسطيني المطلوب لا جماهيريا ولا رسميا وذلك في ظل طُغيان العشوائية وعدم التنظيم. ويذهب استاذ الاعلام الاجتماعي ابو الرب الى القول: "إننا اضعنا فرصة جديدة ولم نوثقها لفضح انتهاكات الاحتلال واللاعدالة في الامم المتحدة. جزء كبير من الشارع الفلسطيني لم يقرأ نص الاستقالة، وبهذا يُوجه اللوم إلى خبراء الاعلام الاجتماعي والنشطاء. حبذا لو تم تسويق فقرات مهمة من نص رسالة الاستقالة".

وأضاف أبو الرب: "حتى اللحظة لم نستغل كفلسطينيين الاستقالة ولم نستثمرها. كانت خبراً عاجلاً ثم خفت بعد مرور 24 ساعة، والآن لا يمكن ان نعيد تشكيل الرأي العام بعد فوات الأوان، سواء كنشطاء أو شعبياً أو رسمياً".

من ناحيته، تفاعل رسام الكاريكاتور المقيم في رام الله محمد سباعنة مع قضية خلف عبر نشر عدد من الرسومات في صحيفة "الحياة الجديدة" المحلية أو الموقع العالمي "Cartoon Movement"، وكتب سباعنة على إحدى الرسومات "فلسطين تشكركي"، فيما أكد عبر رسومات أخرى على ما خرج به تقرير منظمة "اسكوا" حول تجسيد اسرائيل كدولة "ابارتهايد وعنصرية".

ويتفق سباعنة هو الآخر على وصف التفاعل الذي حصل مع ريما خلف "بالنخبوي"، وينتقد خلال حديثه لـ"المدن" الاحزاب الفلسطينية التي لم تكلف نفسها لتنظيم أي مسيرة أو تظاهرة مؤيدة لريما خلف، وكذلك التقرير الذي ساهمت في اعداده.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024