ليلى علوي في إجازة: "البلطجة" تزايدت بعد 25 يناير

بشير مصطفى

الأربعاء 2019/06/19
"جردة حساب" فنية، قدمتها الفنانة المصرية ليلى علوي، لخصت فيها تجاربها الفنية، وواقع السينما المصرية والتلفزيونية التي تستنبط من الواقع قصصها. وهي إذ لم تنفِ اتجاه الأعمال الفنية المصرية نحو "البلطجة" و"الفتوة"، فقد اعتبرت أنها تعبّر عن الواقع المصري السائد بعد ثورة 25 يناير.

في جلسة مغلقة مع صحافيين لبنانيين عقدت على هامش تكريمها في مدينة طرابلس في شمال لبنان، وشاركت فيها "المدن"، لا تنكر علوي حنينها الى الماضي، لكنها سجلت ملاحظتين مهمتين للتغيرات في المشهد الفني المصري. أولهما ظاهرة "البلطجة"، وثانيهما التغيير الطارئ على الثقافة المصرية بفعل شبكات التواصل الاجتماعي، والذي طاول سلوك الناس بفعل إنتشار ثقافة السوشيل ميديا.

في حديثها، لم تخرج علوي من الماضي، ولم تتخطَّ الحنين اليه. هي ليست مسكونة بالماضي، أو أسيرته، لكنها رافضة لتغيرات كثيرة طرأت فجأة على الثقافة العامة خلال سنوات قليلة، وتبدو حذرة منها.

ورداً على سؤال "المدن"، أكدت أنها تستخدم السوشال ميديا "بالمعقول". فهي لا تجلس مع الموبايل 24 ساعة "زي ما العالم عاملة". فهي لا تلاحق "ده قال إيه.. وده رد وعلّق إيه"، وتشبه ما يحصل اليوم بـ"الرغاية على التلفونات" التي كانت تقوم بها سيدات قديماً.

ورغم نفيها مراراً للتعرّض للتنمر في مواقع التواصل، بسبب عمليات الرصد التي يقوم بها بعض نشطاء Fashion Police، لم تنكر ان هذه الوسائل فرضت تحديات إضافية، حيث أصبح ممكناً تحديد معالم الإطلالة. "في السابق لم تكن أسئلة السجادة الحمراء، دي لابسة من فين أومصمم الديزاين مين؟ لم تكن هذه هي الإهتمامات".  

"قبضايات" و"بلطجة"
تجول علوي على الأعمال المصرية، انطلاقاً من تجاربها. وتتوقف عند ظاهرة التبدل في محتوى الأعمال التلفزيونية. وفي إجابتها على سؤال يتعلق بسيطرة نمط "القبضايات" و"البلطجة" و"الأحياء الشعبية" التي يجسدها أمير كرارة ومحمد رمضان، إلى جانب الكوميديا الخفيفة، على الأعمال المصرية، تقرّ ليلى علوي بذلك، قائلة لـ"المدن" إن الأعمال تتجه أكثر نحو الواقعية، لافتة الى انها بدأت بعد ثورة 2011 على نظام حسني مبارك "لأنها جسدت حقيقة موجودة وتزايدت إثرها".

غير أن هذه الأعمال، لها أصلها في السينما المصرية من خلال أفلام عديدة مثل "الباطنية والفتوة"، وفي أفلام المافيات في أنحاء العالم التي تحقق إيرادات على الشباك في الوطن العربي كله. في المقابل، فإن الأعمال الكوميدية تسعى لإضحاك المهمومين. ودفع ذلك النجوم الذين لا يجدون أنفسهم في أفلام البلطجة، أو هذا النوع من الكوميديا، للإنسحاب لأنها لا تناسبهم ولا تخدم صورتهم. 

وتشخّص علوي الواقع الحالي بالقول: "الشر هو الذي يكسب في بلادنا وفي العالم"، وهو أمر باتت تعكسه الأعمال السينمائية، لذلك فإن تقييمها لأي عمل لن يعتمد على الموضوع وإنما المحاسبة ستكون على التنفيذ، على قاعدة "هل قام المخرج والممثل بشغله مزبوط وإحترم عقل المشاهد خلال الفيلم أم لا؟".  

محرّمات
تتحدث علوي عن محددات سلوك المنتج، فهو يفضل الإبتعاد عن الأعمال التي تحتاج إلى تكاليف مرتفعة في الملابس والتقنيات الفنية التجريدية التي قد لا تؤمن عائدات مضمونة.

وعن المحرّمات التي تكبّل إنطلاقة السينما عربياً، دينية كانت أم إجتماعية أم سياسية، ترى علوي أن الأخطر هو "التابو الإجتماعي" لأن مصدرها هو المجتمع. ففيلم "المومياء" شرّف السينما المصرية في مهرجانات العالم أجمع، لكنه لم يحقق الإيراد المطلوب.  

السينما في قلب التغيير
تضع ليلى علوي إحداث التغيير الإجتماعي ومحاربة الفساد وحقوق المرأة في رأس لائحة الأدوار التي قد تؤديها السينما، وهي كان لها الحظ في العمل مع مخرجين ومنتجين خدموا هذا الهدف. وتذكّر بأن بعض الأعمال السينمائية المصرية أدّى إلى تعديل بعض القوانين مثل "أريد حلاً" لفاتن حمامة، وفيلم "مغتصبون" الذي أدت علوي بطولته، وفيلم "بحب السيما" الذي كشف وجوهاً جديدة للتطرف وأنه ليست ظاهرة محصورة في دِين محدد، ومسلسل "العائلة" لوحيد حامد الذي يعايش حقبة تصاعد التطرف في مصر بعد حادثة ضرب السياحة في الأقصر العام 1994.

وردًا على سؤال حول قيامها بأدوار كوميدية تفتقد إلى البُعد الإجتماعي، تجيب علوي بأنها عالجت قضايا مختلفة. ففي فيلم "المصير" ليوسف شاهين، كان الحديث عن الماضي وإسقاطاته على الحاضر، من خلال إضطهاد ابن رشد. أما في "حب البنات"، فعالجت موضوع الأسرة. وتدافع عن عملها الكوميدي "حلّق حوش" مع محمد هنيدي لأنه "مش عيب التمثيل في فيلم للشباك"، وبأن الفيلم حقق لها إنتشاراً في صفوف الشباب والأطفال. بالنسبة إليها، "الأمر ليس جديداً" وهي تسير على خطى عادل أدهم وفريد شوقي وسعاد حسني الذين أدّوا مختلف الأدوار.   

فلنتقاسم البطولة 
تنفي ليلى علوي كل ما يروّج ويُشاع عن رفض الممثلات المصريات فكرة "البطولة الجماعية"، وهي شخصياً قدمت أعمال بطولة مشتركة مثل "أفراح القبة" وغيره من الأعمال التلفزيونية.

وتنفي علوي وجود مشاكل بين الفنانات، فهي تربطها علاقة ود بكافة أجيال الشاشة المصرية، وتتأسف علوي لأن "الناس أصبحت تحب سماع "الوِحِش" (الأخبار السيئة) أكثر من الكويّس"، و"هذا ليس عيب الفنانين، وإنما المجتمع".

أمام كمّ النجاحات، باتت تفكر كثيراً في قبول أي عمل جديد، وعدم تكرار أدوارها فهي أخذت طريق التنوّع والتعامل مع كافة المنتجين. وتدلّل على ذلك بمعايشة  دور المحجبة، والمغتصبة، والتوأم، بنت الهوى، الهجّامة (سارقة المنازل)، والأرستقراطية.

تكشف علوي عن قيامها بأبحاث حول الشخصيات التي تريد تجسيدها وتقابل نماذج حقيقية، لأن النجاح يبدأ بإجتهاد شخصي. كما تلفت إلى أنها أدخلت إلى الدراما المصرية أسلوباً جديداً من خلال مسلسل "حكايات وبنعيشها" الذي قدّم قصتين في عمل واحد وكل قصة 15 حلقة، وبحث في قضية بيع الأطفال للإستمرار في العيش. وتعلّل غيابها في رمضان لسنتين متتاليتين، برحيل والدتها، والإهتمام بإمتحانات إبنها. وعن مشاريعها المقبلة تؤكد أنها "في إجازة".   
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024