العونيون يضربون مجدداً: لقاح كورونا للبنانيين قبل "الغريب"!

المدن - ميديا

الإثنين 2021/01/18
أن يكون المرء طبيباً لا يعني أن يكون شخصاً مفعماً بالإنسانية للأسف، فرغم أن الطب نفسه مهنة نبيلة لا ينبغي أن يفرق ممارسوها بين مرضاهم مهما كانت الأسباب، تتكرر الأمثلة عن وحشية أطباء كأولئك المشرفين على تعذيب المعتقلين في سجون النظام السوري، أو عنصرية آخرين ممن يطلقون تصريحات تمييزية في لبنان ضد اللاجئين السوريين والفلسطينيين.


مناسبة الحديث هو تغريدة للطبيب والناشط السياسي في "التيار الوطني الحر" ناجي حايك، دعا فيها إلى حصر لقاح كورونا باللبنانيين فقط وعدم توفيره لمن أسماهم "الغرباء" إلا مقابل ثمن. وكتب الحايك عبر حسابه الشخصي في "تويتر": "لا بلد في العالم يسمح بتلقيح اي شخص موجود على أرضه قبل تلقيح مواطنيه. يعني على الأمم المتحدة استكمال إيصال الطعم لجميع اللبنانيين قبل أن نسمح بإيصال أي جرعة لأي غريب".


ولم تكن تغريدة الحايك الوحيدة في هذا السياق، بل شابهتها تغريدة للمحامي وديع عقل، عضو المكتب السياسي في التيار نفسه الذي ينتمي إليه الرئيس الحالي ميشال عون ويترأسه صهره جبران باسيل: "أقتراح: يلي قادر، بيدفع حق الطعم vaccine نقداً أو بواسطة دولاراتنا المحجوزة بالبنك، وأكيد وفقاً للأولويات الصحية. هيك منعطي فرصة تأمين عدد أكبر من الطعوم ليلي مش قادرين ومندعم الجهاز الطبي. شرط، إعطاء الطعم للبناني حصراً...".

وواجه مغردون لبنانيون هذا الخطاب العنصري باستياء واسع، خصوصاً أنه يحتوي على مغالطات طبية وسياسية كثيرة، بداية من أن العدوى بالفيروس لا تميز بين إنسان وآخر كما أن انتقاله من "الأجانب" إلى اللبنانيين وفق هذا الطرح العنصري يبقى محتملاً ما يجعل الخطة العونية أشبه بقنبلة موقوتة ضد اللبنانيين أنفسهم. مع الإشارة إلى أن الدول الغربية لا تفرق في الرعاية الصحية بين الأشخاص المقيمين على أراضيها.


وكتب الطبيب إيهاب إبراهيم: "عندما يؤدي الأطباء القسم الطبي، فإنهم يتعهدون بأنهم سيقدمون علمهم ومهنتهم الإنسانية لكل من يحتاجها بغض النظر عن جنسه، أو دينه أو قوميته أو معتقداته أو وظيفته"، فيما قال أحد المغردين رداً على حايك: "كلامك غلط بغلط. عطينا الدليل لنشوف. بفرنسا وتم اطلاق عملية اعطاء المواعيد من اجل التلقيح وما في تمييز بين المواطن والمقيم بطريقة شرعية والمقيم بطريقة غير شرعية. ولمعلوماتك بفرنسا المقيم غير الشرعي عنده تغطية صحية كمان couverture médicale universelle.  عنصريتك شي مقرف صراحة".

وعلق مغرد آخر: "نفوس مريضة بالعنصرية والطائفية، نفوس تخلت عن إنسانيتها، التلقيح في العالم يبدأ بالجهاز الطبي الذي ينتمي إليه مواطنون ومقيمون وأجانب، يا دكتور لا أحد يسأل عن جنسيتك قبل أن يعطيك اللقاح، يسألون عن مهنتك لربما أو سنك لأن الاولوية تحددها معايير علمية لا عنصرية"، وذكر آخر: "المضحك بالأمر بيزعلوا لما نقول عن تيارهم الفاشي وجمهورهم عنصري... اللاجئ أقرب لي من اللبناني العنصري".


يذكر أن لبنان سجل، حتى مساء الأحد، 249 ألفاً و158 إصابة بفيروس كورونا، نتج عنها نحو 1866 حالة وفاة. وأبرمت البلاد صفقة مع شركة "فايزر" للحصول على 2.1 مليون جرعة من لقاح مضاد لفيروس كورونا ستصل ابتداءً من أوائل شباط/فبراير المقبل.

وقالت وزارة الصحة أن لقاحات "فايزر" ستستكمل بـ2.7 مليون جرعة أخرى من البرنامج الذي تقوده الأمم المتحدة لتوفيره للبلدان المحتاجة. وأوضحت أنه يجري التفاوض بشأن مليوني جرعة أخرى بالتنسيق مع القطاع الخاص اللبناني وشركات الأدوية العالمية الأخرى التي طورت اللقاحات، في إشارة إلى "أوكسفورد-أسترازينيكا" و"سينوفارم" الصينية كمصادر دولية.

وفي ليل الإثنين، صعد كثيراً التداول في هاشتاغ #اللقاح_للبناني_أولاً في "تويتر"، وشهد تغريدات حادة، بين دعاة العبارة العنصرية والمنافية للعقل، وبين مستهجنيها ومحاججي الطرف بكل صنوف المنطق، الصحي على الأقل إن لم نقل الأخلاقي والسياسي. للأسف، هذا حال البلد اليوم. اللقاح لم يصل بعد، وهذا نوع النقاش الدائر، بدلاً من أن تضطلع هذه القوى المدنية والسياسية بمراقبة أداء الدولة في احضار اللقاح والتعامل معه بالشكل الآمن الموصى به ليكون فعالاً، إضافة إلى توزيعه بالشكل الصحيح على الفئات المفترض تمتعها بالأولوية، مثل المسنين والطواقم الطبية، بدلاً من أولوية الأوراق الثبوتية ومراكز النفوس!    

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024