ضحية جديدة لكورونا.. الديموقراطية؟!

المدن - ميديا

السبت 2020/03/21
أطلقت بولندا، الجمعة، تطبيقاً للهواتف الذكية، يسمح للأشخاص الخاضعين لحجر صحي إلزامي مدته 14 يوماً مرتبط بفيروس كورونا الجديد بإرسال صور شخصية لإخطار السلطات بأنهم يلازمون البيت.


وصرح الناطق باسم الوزارة الرقمية، كارول مانيز، لوكالة "فرانس برس" بأن "الأشخاص في الحجر الصحي لديهم خيار: إما تلقي زيارات غير متوقعة من الشرطة، أو تحميل هذا التطبيق". وأوضح أن تطبيق "هوم كوارنتين" (Kwarantanna domowa) مخصص للأشخاص الخاضعين للحجر الصحي الإلزامي، ومدته 14 يوماً بعد عودتهم من خارج البلاد.

ويستخدم التطبيق لتحديد الموقع الجغرافي وخاصية التعرف إلى الوجه، ما يسمح للمستخدمين المعزولين بتحديد مكانهم للسلطات، للتأكد من أنهم يقيمون بالفعل في المنزل كما هو مطلوب. ويسجل المستخدمون أولاً صورة ذاتية عبر التطبيق الذي يطلب خلال أوقات مختلفة المزيد من الصور الشخصية على مدار اليوم. وينبّه التطبيق الشرطة إذا فشل المستخدمون في الرد في غضون 20 دقيقة.

وقالت الشرطة البولندية، أنها فرضت غرامة قيمتها 500 زلوتي (111 يورو) على من يخالف قواعد الحجر الإلزامي، مضيفة أن العقوبات قد تصل إلى خمسة آلاف زلوتي. وعلى غرار دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، أدخلت بولندا مجموعة من الإجراءات لمكافحة انتشار فيروس، بما فيها إغلاق المدارس حتى عيد الفصح، وإغلاق الحدود أمام الأجانب، كذلك طلبت من السكان العمل من منازلهم.

وسجلت بولندا، التي يبلغ عدد سكانها 38 مليون نسمة، 425 إصابة بوباء كورونا وخمس حالات وفاة حتى أمس الجمعة.

وازدادت المخاوف بشأن الحريات الفردية، في ظل الإجراءات غير المسبوقة التي فرضت في دول العالم للحد من انتشار فيروس كورونا. ونقلت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستغل أزمة الفيروس للاستئثار بالسلطة. ومن ضمن الإجراءات التي قام بها في هذا السياق، أوامر وجهها للمخابرات الداخلية برصد حركة المواطنين من خلال معلومات هواتفهم المحمولة.

وقال الخبراء القانونيون، أن الإجراءات التي في ظاهرها اتخذت لحماية الصحة العامة، هي استيلاء على السلطة غير مسبوق في تاريخ إسرائيل، بما في ذلك أوقات الحرب، وقد تشكل مثالاً يحتذى به للزعماء الآخرين مع تكشف الأزمة.

ولم يتم الإعلان عن المرسوم الذي يأمر جهاز المخابرات الداخلية "شين بيت" بالتجسس سراً على أجهزة هواتف الأشخاص الذين تم تشخيصهم بأنهم مصابون بالفيروس، وكذلك الأشخاص المشتبه بإصابتهم به، ولم يره حتى الوزراء الذين صوتوا عليه قبل فجر الثلاثاء الماضي في اجتماع للحكومة جرى عبر مكالمة هاتفية جماعية.

وأشارت الصحيفة إلى أنه تم البدء بتنفيذ هذا الإجراء مباشرة، وستتم مراجعته بعد أسبوعين، موضحة أن رسائل نصية وصلت منذ مساء الأربعاء لهواتف 400 إسرائيلي، تقول: "مرحباً، لقد كنت اليوم بالقرب من شخص مصاب بالكورونا".

ويتشابه ذلك مع تطبيق إلكتروني أطلقته الصين في شباط/فبراير الماضي، يكشف إمكانية التعرض لخطر الإصابة بفيروس كورونا. ما سلط الضوء على الرقابة الشديدة التي تفعّلها الحكومة الصينية مع الشعب، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".

ويحمل التطبيق الصيني اسم "كاشف الاتصال القريب"، ويخبر مستخدميه عما إذا كانوا على مسافة قريبة من شخص مصاب أو مشكوك في إصابته بفيروس كورونا. وينصح الأشخاص الذين يتم تصنيفهم بأنهم في خطر، بالبقاء في المنزل وإبلاغ الجهات الصحية المحلية.

وبات الحديث عن النموذج الصيني في الحكم، واسع الانتشار، بعد النجاح في السيطرة على فيروس كورونا في البلاد. لكن ذلك أثار مخاوف موازية حول تعميم النموذج الصيني في مرحلة ما بعد كورونا، بسبب طبيعته الشمولية.

وكتبت صحيفة "تايمز" البريطانية افتتاحية قاتمة، قبل أيام، قالت فيها أن الليبرالية والحريات الفردية وقيم الديموقراطية قد تكون ضحايا لفيروس كورونا. موضحة أنه إذا كانت هناك فرصة لوقف واحتواء كوفيد-19 فيجب على المستهلكين التوقف عن الذهاب إلى مراكز التسوق والمسارح ودور السينما والتوقف عن العمل في النقليات العامة. وهناك أهداف حيوية لصناع السياسة يمكنهم وبواقعية التركيز عليها. أولاً: عليهم منع هذا التدهور الاقتصادي من التحول إلى حالة كساد اقتصادي. وثانياً: عليهم إثبات أن الأسواق الحرة والتجارة المفتوحة هي النموذج الاقتصادي الأحسن القادر على توليد الثروة وتحسين حياة البشرية.

ورأت الصحيفة أن الفشل تحقيق هذين الهدفين، سيسمح للأفكار الخطيرة مثل الحمائية التجارية والدولة الاشتراكية للبروز. وسيكون الثمن الذي سيدفعه الاقتصاد الحر والليبرالية والديموقراطية والحريات الفردية، باهظاً، علماً أن الخطر في هذه الحالة يأتي في الدول الديموقراطية، من قبل جماعات اليمين المتطرف المحلية أو اليسار المتشدد على حد سواء.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024