الإفراج عن شوكان.. ليس مقدمة لانفراجة حقوقية؟

أحمد ندا

الثلاثاء 2018/09/11
الفرحة كبيرة في مواقع التواصل الاجتماعي، اثر الافراج عن شوكان، بعد خمس سنوات من الحبس على ذمة قضية من دون إصدار حكم فيها. لكن هذا ربما لا يعكس انفراجاً على صعيد القضايا الحقوقية.
 
ما حدث ليس إفراجاً، بل حكم نفذه بالفعل، وهو الحبس خمس سنوات. خرج شوكان مداناً، وقد قضى فترة عقوبته، لكن الفرحين تجاوزوا هذه الإجراءات القانونية. بالنسبة اليهم، المهم أن شوكان قد خرج في كل الأحوال، لا تهم وضعيته القانونية هنا، لأنه دخوله من الأساس كان ضرباً من ضروب العبث. 

وخروجه أيضاً، يُستتبع بمراقبة شرطية لمدة خمس سنوات، أي أنه يجب أن يثبت حضوره في قسم الشرطة التابعة له منطقة سكنه.. كل يوم! ويلخّص الحالة ما كتبه الصحافي خالد البلشي في صفحته في فايسبوك: "حالة ملتبسة بين الفرح والحزن هي حالة والدة ووالد شوكان عندما اتصلت لإخبرهما بالحكم.. في البداية صمت طويل ثم صوت والدته يبكي عبر الهاتف "ابني مظلوم بس أنا طايرة من الفرح خلاص هيرجع لحضني.. عقبال كل اللي زيه.. أما والده فبهدوئه المعتاد قال الحمد لله، هننقض الحكم.. ابننا مظلوم بس قضا أخف من قضا".

السؤال الذي لا بد أن يأتي دوره هنا، هل في ذلك الحكم بوادر انفراجة في حرية الصحافة؟ هل ثمة مواءمات، أو محاولات للتنفيس قليلاً؟ توجهنا بالسؤال إلى عدد من الحقوقيين، اللافت أن جزءاً من الإجابة على هذا السؤال اتضحت من خلال الطلب الذي طلبوه جميعاً: أن تكون أسماؤهم مجهولة!

"حرية صحافة مرة واحدة؟"، هكذا أجاب الحقوقي الشاب المعني بقضايا حرية الصحافة، وأضاف: "صحيح إن خروج شوكان أتى بعد اقترابنا من اليأس، خصوصاً أن الدولة تتعامل مع كل ما يخص "رابعة" بشراسة غير مسبوقة، لكن في النهاية لا بد ألا ننسى أن قضية شوكان أخذت بُعداً عالمياً، وصارت "هاي بروفايل" ورمزية بالنسبة لوضع الصحافة في مصر بل والمنطقة كلها، صورة شوكان من خلف القضبان وهو يتخذ وضع التصوير من أكثر الصور المعبرة عن حال الصحافة وعن طبيعة المهنة بوجه عام. لاحظ أن شوكان سيخرج مداناً أيضاً".

ويضيف الحقوقي الشاب ساخراً: "الوضع الصحافي في مصر مأزوم على أكثر من مستوى، تختصره كله لقطة اقتحام نقابة الصحفيين من سنتين، وهو ما لم يحدث في تاريخ هذه النقابة. حرية صحافة إيه بس!".

على خلاف اليأس الكامل في حديث الشاب، كان رأي الحقوقي المخضرم أقل حدة إذ قال: "بالتأكيد إن خروج شوكان مؤشر طيب، ورغم ما يبدو من سوء الأحوال اليوم، لكني أرى أن الدولة لا يمكن أن تستمر في عنادها وتضييقها إلى الأبد، لا بد أن تأتي الانفراجة من قبلها في بعض المجالات، خصوصاً أن الإغلاق في كل شيء. وبالنسبة للحكم الذي حصل عليه شوكان ما زال أمامه نقض، وهو أعلى درجة تقاضٍ في الدولة، وهو قضاء مستقل ولا يتأثر بالحسابات الإعلامية أو السياسية، وسوابقه المشرفة كثيرة. باختصار أرى أن التغيير سيحدث لكن ببطء وبلقطات مثل قضية شوكان".

كان السؤال البديهي مني إلى الحقوقي المخضرم: لماذا يصرّ على عدم ذكر اسمه، فضحك مجيباً: "لا يعني كلامي أن التغيير سيحدث وأنا بطبيعتي متفائل". ويكمل بجدية: "التغيير سيحدث ببطء، لكن أعراضه الجانبية ستكون بشراسة زائدة في مجالات أخرى، والمشكلة مع هذه الدولة أننا لا نعرف أول محاذيرها من آخرها".

هل ثمة انفراجة قريبة؟ لا شيء، أو علامات، أو أي قراءة للمشهد يمكن أن تخمن ما يحدث تالياً، حتى لو أفرجت الدولة عن كل معتقلي الإعلام!
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024