هكذا تسيطر إيران على الإعلام في أفغانستان

المدن - ميديا

الخميس 2019/07/18
على مدى السنوات القليلة الماضية، زاد عدد وسائل الإعلام في أفغانستان بشكل كبير، وهو أمر تعتبره الحكومة الأفغانية إنجازاً لصالح البلاد. لكن تقريراً نشره موقع "إيران واير" المعارض يكشف كيف صادرت إيران استقلالية وسائل الإعلام الأفغانية واستخدمتها كأبواق دعاية لسياساتها.


وأشار الموقع إلى تصريحات صحافية أدلى بها الناطق باسم دائرة الأمن الوطني الأفغانية، لطف الله مشعل، قبل سنوات، وأكد فيها أن قناتي "نور" و"تمدن" وصحيفة "إنصاف"، مرتبطة بالنظام الإيراني. وأكد أن "البرامج السياسية لقناة نور وخطها الإخباري في انحياز واضح لإيران، وتهدف القناة إلى تحريض الشعب الأفغاني ضد القوات الأميركية، وتدعم السياسات الإيرانية في أفغانستان".

وأضاف مشعل أن "تمدن تعد معظم مواضيعها وتحليلاتها وأخبارها وبرامجها السياسية بناء على توجيهات مسؤولي النظام الإيراني. والقناة من خلال دعوة الأفراد الذين يعملون لصالح الجمهورية الإسلامية كخبراء، بتغذية الآراء التي تتعارض مع المصالح الوطنية لأفغانستان وتتماشى مع السياسات الإيرانية".

وبحسب التقرير الذي نشره الموقع، الأربعاء، يعد الشيخ آصف محسني، مؤسس شبكة "تمدن"، وهو رجل دين شيعي أفغاني درس في الحوزات الدينية في إيران، من أهم رجال النظام الإيراني في أفغانستان. وقام محسني، إلى جانب إنشاء قناة "تمدن"، بتأسيس مدرسة "خاتم النبيين"، وهي إحدى أكبر الحوزات الشيعية في كابول وبدعم إيراني.

ويقع مقر تلفزيون "تمدن" في العاصمة كابول ويدفع النظام الإيراني جميع تكاليفه، ونتيجة لذلك تحدد طهران سياسات الشبكة، ويتم إنتاج العديد من الأفلام والبرامج التليفزيونية التي تبثها القناة في إيران، بينما تركز البرامج الأخرى على الموضوعات الدينية مع تبشير واضح بالمذهب الشيعي. ويتحدث مذيعو وضيوف القناة الفارسية بلهجة إيرانية، وهو ما يفسر أن البرامج تبث مباشرة من إيران. وبمعنى آخر، لا يوجد فرق في المحتوى بين هذه القناة وقنوات التلفزيون الإيراني.

ونقل التقرير عن موظف سابق في قناة "تمدن" عمل فيها لأكثر من خمس سنوات، تأكيده بأن النظام الإيراني يدفع مقابل كل شيء وقال: "في البداية، لم تكن شركة تمدن تملك المبنى الذي تبث منه، فدفعت إيران الإيجارات وكل تكلفة بث القناة ورواتب موظفيها ومراسليها في المحافظات".

وأكد الموظف الذي تحفظ عن ذكر اسمه لأسباب أمنية، أن "موظفي القناة يسافرون إلى إيران، ويزورون استوديوهات هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيراني IRIB ويشاركون في ورشات عمل تعليمية لمعرفة المزيد عن السياسات الإخبارية للجمهورية الإسلامية"، مضيفاً أن ورش العمل تقوم أيضاً بتدريس التقنيات والتوجيه وعمل الكاميرا وغيرها. كما يأتي المدربون الإيرانيون إلى أفغانستان مرة واحدة في السنة للتدريس في ورشات العمل هناك.

وشدد الموظف السابق على أن السياسات الإيرانية تشكل كل المحتوى التحريري لقناة "تمدن"، وقال: "كان علينا اتباع سياسات الجمهورية الإسلامية واضطررنا إلى تقديم الأخبار للمشاهدين بطريقة تتسق مع السياسات الإيرانية"، وأكد أن معالجة الأخبار المحلية حول أفغانستان كانت منحازة لخدمة المصالح الإيرانية. وفي الأخبار الأجنبية، كانت التقارير تدور حول دعم حلفاء النظام في سوريا أو فلسطين.

وأشار الموظف نفسه إلى منح الأولوية للأخبار عن إيران ومناسبات مثل ذكرى الثورة العام 1979، وذكرى وفاة روح الله الخميني، والأعياد الدينية الشيعية عن غيرها، حتى لو كانت الأخبار العاجلة حول أفغانستان. وكشف أيضاً أنه بالرغم من أن طهران دفعت إلى "تمدن" أموالاً كثيرة، إلا أن الفساد ينتشر في إدارة القناة. وقال: "كانت لدينا نسختان من العقد حيث أرسلت إحداها إلى إيران والثانية لمسؤولي القناة في أفغانستان، لكن الراتب الذي تم إبلاغه لإيران أعلى من الراتب الذي تلقيناه بالفعل. على سبيل المثال، في النسخة التي بقيت في المكتب في أفغانستان، يكون راتب الموظف مدرجاً على أنه 400 دولار، ولكنه كان 600 دولار على العقد المرسل إلى إيران".

وذكر الموظف أن النقاد والمحللين الذين يظهرون في البرامج السياسية مرتبطون مباشرة بالنظام الإيراني أو متحالفون مع طهران، حيث يقفون دائماً في مناقشاتهم وتحليلاتهم إلى جانب سياسات الجمهورية الإسلامية، حتى عندما يتعلق الأمر بقصص عن أفغانستان. فعلى سبيل المثال، عندما أغلقت إيران حدودها أمام التجار الأفغان لبضعة أيام، برر بعض النقاد عبر القناة هذا العمل نيابة عن الجمهورية الإسلامية وتجاهلوا المصالح الوطنية لأفغانستان.

وقال موظف سابق آخر في مؤسسة إعلامية أفغانية تابعة لإيران أن "حسابات وصفحات وسائل التواصل الاجتماعي للموظفين تخضع للرقابة، وإذا كانت إحداها تتعارض مع سياسات إيران، يتم تحذير الموظف ومطالبته بالتوقف، وإذا لم يستجب، يُطرد من وظيفته". كما كشف أن إيران تتدخل في توجيه الإعلام الأفغاني لكي يؤيد سياسات تمدد النظام الإيراني وتدخلاته في المنطقة والدعاية السلبية ضد الدول العربية.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024