وجدي الكومي
وبعد أيام من بث الإعلان، اجتهدت الصحافة المصرية واكتشفت إن إعلان الهضبة، ما هو إلا تنويعة على إعلان للمطرب إلتون جون، نفذه الأخير للمحلات البريطانية جون لويس العام الماضي.
"نامبر وان".. أفضل إعلان قدمه فعلاً
صالَح إعلان محمد رمضان، الرجل على محبيه، فقد كان في الفترة الأخيرة قد اكتفى من جمهوره بمجموعة من الشباب صغار السن الذين يقلدونه في قَصّة الشعر والملابس الضيقة والقمصان مفتوحة الصدر. نموذج جديد وملهم للشباب والمراهقين، والراغبين في المغامرة، نموذج "نامبر وان"، أي الشاب المغرور المتعالي على أصدقائه وأهله. لكن، في هذا الإعلان الذي يظهر فيه فان دام بطل السينما الأميركية، الذي عاش في قلوب وعقول الجيل الذي يقترب عمر أبنائه الآن من الأربعين، لفت انتباه جموع غفيرة إلى محمد رمضان، وإلى الإعلان في حد ذاته. وربما نسي الجميع أنه إعلان، واكتفينا بالتعامل معه على أنه فقرة ترفيهية محببة. فمشاهد الأكشن، على قلة خطورتها، إلا أنها أعادت للمشاهد المصري الفكرة المحببة عنده دائماً، وهي متابعة أحداث مثيرة.
يستمد الإعلان فكاهته من الحوار الذي يدور بين الحارس واللصين، أحدهما يغمغم: يعني فشل السطو؟ فين الخزن..فين الرزم؟ فيرد الحارس ببطء: مفيش خزن ورز..كله ممكن..تقدر تفتح حساب، تصرف شيك، تعمل إيداع، تحول. فيصرخ لص آخر: فين البنك اللي هنسرقه يا شربيني؟ فيهتف الحارس: بنك..مميكن.. وهو يقولها ببطء، بينما يقتحم لص ثالث، البنك، صارخاً: مفيش خزنة، فيرد الحارس: مميكن.
إعلان فكاهي، غير مكلف، لكنه ضاحك، ولفت أنظار الكثيرين من متابعي الدراما الإعلانية في رمضان، على عكس إعلان بنك مصر، الذي صمم صانعوه غنوة لطيفة، مستلهماً تراث بنك مصر الثقيل، طلعت حرب. أغنية جميلة يغنيها محمود العسيلي، بصوته الرخيم الجميل، ويغني معه مدحت صالح ومصطفى حجاج.
ظهور مدحت صالح في الإعلان، وهو يغني بعضاً من مقاطعها، أثار عند أبناء جيلى حنيناً لزمن مدحت صالح، خصوصاً أغنيته الشهيرة: "رافضك يا زماني..يا مكاني..يا آواني..أنا عاوز أعيش في كوكب تاني".
إلا أن مستخدمي السوشيال ميديا، بعد قليل، بدأوا يتهكمون على مقطع الأغنية التي يقولون فيها "أنا ابن مصر..أنا ضد الكسر"، خصوصاً أن مذيعي الإعلان قصّوا الأغنية، واكتفوا بعد يومين من رمضان بإذاعة هذا الكوبليه فقط.
أما إعلان بنك الإسكندرية، الذي استعان بمحمد صلاح، فبدا أكثر الإعلانات الرمضانية توفيقاً إلى جانب إعلان مؤسسة مجدي يعقوب، في صياغة رسالة مدهشة ومؤثرة للمشاهدين، إذ تحدث الإعلان عن الفرص التي تجيء مرة في العمر، ومدى استعدادنا لها. يحكي محمد صلاح بهدوء، ومن دون ضجيج موسيقي، عن حكاية أول فرصة أيقن فيها، وعن يقينه، بأن كل فرصة بداية لمليون فرصة، وأنه يجب أن يكون جاهزاً، ويفعل أكثر مما عليه.
إعلان بسيط وهادئ، ومع ذلك يحمل معاني قوية، تصل إلى القلوب مباشرة. إلا أن مشكلة هذا الإعلان الحقيقية، أنه لا يعبّر فعلاً عن المُعلن، بقدر ما يعبر عن حياة محمد صلاح، وطموحه، وحياته، وربما هو إعلان عن الإخلاص والكفاح في الحياة، وليس إعلان بنك.