حسن دقو "كلّ الكلّ".. هكذا سقطت ورقته

المدن - ميديا

الأربعاء 2021/04/28
لا تترك شخصية مثل حسن دقو، مجالاً للإختلاف حول وضعه. فالرجل "كلّ الكلّ"، بحسب ما تقول مصادر على معرفة وثيقة به، تتقاطع حوله الشخصيات والقوى، ويترك هو لها منفذاً للتبرؤ منه، ولاستخدام اسمه في معرض المناكفات السياسية والاتهامات بين الأفرقاء.

ودقو، السوري الذي استعاد جنسيته اللبنانية بقرار قضائي في العام 2019، شغل الأوساط الاعلامية اللبنانية والعربية، ولعله أصبح الشخصية "الأكثر إثارة" للبحث عنها وتحرّي سيرتها، في ظل شحّ المعلومات والتوجس من تداولها، لكنه في النهاية "التقرير" الذي تريده التلفزيونات كافة. وذلك منذ الكشف عن شحنة الكبتاغون التي وصلت ضمن صناديق الرمان الى المملكة العربية السعودية، ما دفع السعودية الى ايقاف الواردات الزراعية من لبنان، ومنع مرور الشاحنات المحملة بفواكه وخضار لبنانية عبر أراضي المملكة.

وهو أيضاً "شركة سيزر" التي تزخر صفحة دقو في "فايسبوك" بالفيديوهات الإعلانية لها، والتي تحظى بتعليقات "ما شاء الله" و"الله يديم العز" و"الشيخ ابو محمد الغالي".. أبو محمد التي تحفل صور قصره ومكتبه بالتحف المذهّبة والتماثيل واللوحات المرصوصة رصاً كأنما في صالة عرض، إضافة إلى أنشودة بإسمه "مهداة من مختاري قضاء بعلبك".


منذ اللحظة الأولى للكشف عن الشحنة الملغومة، خرج اسم دقو الى السطح ليتبين ان الرجل موقوف منذ 6 نيسان الجاري لدى شعبة المعلومات، بعد الإطباق عليه في واحدة من شققه الأربع في الرملة البيضاء في بيروت، حيث عُثر على مبلغ 3 ملايين دولار، موجود لديه نقداً، إضافة إلى إثباتات على شحنة الكبتاغون العملاقة التي ذهبت الى ماليزيا عبر أوراق مزورة، ويُسعى منها العودة الى دول الخليج العربي. 

ودقو كان "كلّ من كلّ"، قبل أن يصبح "كلّ الكلّ". فهو الأكبر والأوسع انتشاراً على صعيد تصنيع الكبتاغون، منذ العام 2011 على الاقل. مثّلت أمواله جواز عبور له الى جميع القوى النافذة، من "داعش" و"النصرة" اللتين ساعدتاه لتمرير بضائعه وشحناته من الجرود السورية المحاذية للحدود اللبنانية في ظل الحرب، الى ضباط في المخابرات السورية الذين سهلوا مرور بضائعه الى مرفأ اللاذقية، قبل أن ينتهي دوره بانكشاف أمره والتحول الى مرفأ بيروت حيث لا وجود لماكينات مسح ضوئي (سكانر).. وصولاً الى رعايته في الداخل اللبناني، أمنياً وسياسياً واقتصادياً وقضائياً. 

فنفوذه بالتأكيد هو ما أبقاه على الحدود فاعلاً ونشيطاً، ويمتلك شبكة طرق بين لبنان وسوريا.. ونفوذه دفعه الى امتلاك الجزء الأكبر من مدينة الطفيل اللبنانية على الحدود السورية، وقد اشتراها من مصرف لبنان الذي حاز على ملكيتها من بنك "مبكو" المنحلّ في وقت سابق... 

ونفوذه دفعه الى الخروج من مخفر طليا في البقاع، لدى التقدّم بشكوى ضده، ونفوذه وعلاقاته دفعتاه الى تبرئة مرافقيه من اطلاق النار على فلاحين في الطفيل وتدمير محطة الكهرباء والماء في أواخر العام 2020، قبل أن تحصل مصالحة رعاها نائب عن "حزب الله" وممثل عن "دار الفتوى"، وقال المشاركون فيها انها برعاية "تيار المستقبل". 

مثلما تمتدّ الطفيل، وامتدادات معامل الكبتاغون خاصته، على ضفتيّ الحدود، فإن الرجل يتمدد على مساحة جميع القوى السياسية اللبنانية والسورية. يقول أحد عارفيه لـ"المدن": "Money Talks".. بماله، اشترى الولاءات والدعم.. وهو لا يتشظى بين الجميع، بل مدعوم من الجميع، والجميع يسترضيه، بحكم نفوذه وماله. ويتيح توقيفه لجميع القوى السياسية أن تتبادل الاتهامات حوله، وولاءه لها، وهو ما مارسته هذه القوى إعلامياً خلال اليومين الماضيين.. علماً أن قربه من جميع القوى السياسية يتيح للآخرين من الخصوم السياسيين الرد وإحالة النشاط الى الطرف المقابل... وهكذا يضيع ولاؤه بين القبائل. 

الآن سقطت ورقة حسن دقو. فالعُرف الأمني القائم في لبنان هو أنك تستطيع أن تحظى بحماية حتى تخرق واحداً من أمرين، إما اللعب في التوقيت الخطأ، أو مع الأشخاص الخطأ. دقو لعب مع الجهة الخطأ، وهي الدول العربية التي تعتبر أن لبنان مسؤول عن نشاط دقو من أراضيه، ولا سبيل إلا بإخماد هذا النشاط وسائر الأنشطة المتعلقة بتهريب المخدرات.
 
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024