لبنان الساحة الإقليمية.. سماؤه ممر صواريخ

نور الهاشم

الجمعة 2020/12/25
أقحمت التطورات الاقليمية المتصاعدة، لبنان، في ساحة حرب هو غير معنيّ بها، وأصابت سكّانه بالهلع والتوتر، وهو ما عبّر عنه اللبنانيون في مئات التغريدات، تلخصها مغردة بالقول: "ليس لنا من حرب سوريا إلا الخوف".

ظهرت مشاعر الخوف على اللبنانيين ليل الخميس–الجمعة، إثر سماع أصوات صواريخ أطلقت من جهة البحر فوق بيروت، وغيّرت مسارها باتجاه الشمال، لتستهدف منطقة مصياف في محافظة حماه. 

وتفاوتت التقديرات حول طبيعتها، وما إذا كانت الأصوات عائدة لطائرات حربية إسرائيلية أو صواريخ. يتكهن اللبنانيون بنوعها، ويستندون الى تغريدات محليين وأجانب وإسرائيليين لمعرفة طبيعة الأجسام الطائرة في سماء لبنان، في غياب اي بيان رسمي لبناني. 

والحال إن الأجسام الطائرة، ثبت أنها صواريخ أطلقت من جهة البحر.


الخوف الذي ينتشر عند حالة عدم اليقين، سرعان ما يتبدل لنعي الدولة، كمنظومة يفترض أنها تحمي مواطنيها، كما نعي النأي بالنفس. تتخذ المقاربات حساباتها السياسية بين طرفين، أحدهما صامت لجهة الرضا عن غياب الدولة، والثاني للإثبات بأن مشروع الدولة في الصراع الاقليمي، غير مُجدٍ. يصطف جمهور الممانعة في هذا الموقع، وهو خطاب يُراد منه استهداف المطالبين بالحياد، أو المطالبين بمناقشة استراتيجية دفاعية لحصر السلاح في الدولة. 

والخطابان، يشوبهما نقص. فالصمت ينقصه التصريح بواقع مفاده أن لبنان، منذ قيامه، لم يستطع أن يكون دولة مكتفية، حتى بالسلاح الردعي، وبالتالي فإن تسليحه خاضع لمعادلات دولية وتوازن قوى دولي، يتخطى اللاعبين في الاقليم. أما الخطاب الثاني، فهو سياسي لتكريس خطاب الالتصاق بالمحاور، علماً أن المدافعين عن هذا المنطق يتجاهلون واقعاً مفاده ان لبنان منذ العام 2006، لم ينخرط في معركة ضد اسرائيل، لحسابات اقليمية وداخلية أيضاً، وبالتالي فإن الطرفين عاجزان عن الرد على استباحة اسرائيلية للأجواء اللبنانية. 

ضعف لبنان، والحسابات الاقليمية، أفقدته السيادة على أجوائه. كما في السابق كانت أرضه ممراً للأطراف المتصارعة في سوريا، من الطرفين المتقاتلين، فإن أجواءه الآن ممر أيضاً للعمليات العسكرية في سوريا بين محوري إيران وإسرائيل بشكل خاص.

يتصرف الاسرائيليون كما لو كان لبنان بلا سيادة.. ولن يوفر الإيرانيون، في المقابل، أي فرصة لاستخدامات مشابهة إذا اقتضت الحاجة، وهم الذين استخدموها في السابق في المعارك البرية. لكن لبنان، الضعيف والعاجز بين المحورين، محمي بضعفه، يكتفي بإصدار البيانات التي توثق الانتهاكات فيه، ولا تزال الاطراف الدولية تغطيه بحمايتها الى أن يحين موعد الانفجار. 
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024