هيكتور حجار.. عبء سياسي على عون

نذير رضا

الأحد 2021/09/12
لا يمكن التخفيف من الصدمة التي أحدثها وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار على المستوى الشعبي اللبناني بعد دعوته للاحجام عن استخدام الحفاضات والمناديل الورقية (كلينكس)، بالنظر اليها كدعوة للتكيف مع وقائع طرأت على اللبناني بفعل الأزمة، والتعامل بواقعية الى المستوى المعيشي الذي تدهور في البلاد. 

فأبعادها الاعلامية تتخطى ما استحضره من الصين، أو باريس، كتجربتين لحثّ اللبنانيين على التقشف، والتخلي عن نمط حياة كانوا يعيشونه قبل العام 2019. تكشف اطلالته الاعلامية الاولى أن الحكومة، كما سابقتها، لا تتضمن سياسيين اعتاد اللبنانيون على أن يكونوا ممثليهم في الحكومات السابقة، وباتت المقاعد الحكومية محجوزة لشخصيات لا تفقه التعامل مع الرأي العام، كما لا تُؤمّن على حل أزمات اللبنانيين المتراكمة. 

تحت ضغط تشكيل حكومة من غير السياسيين، منعاً لأن توكل لشخصيات متهمة بالفساد مهام تسيير أمور الناس وحل أزماتهم، وجدت القوى السياسية التي تسمي الوزراء لتمثيلها في الحكومة، نفسها أمام معضلة البحث عن أسماء من خارج الجسم السياسي، وتسويقها على أنها شخصيات "تكنوقراط" تحاكي المجتمع الدولي والمجتمع المدني المنتفض على السلطة. نجحت في المهمة الاولى، حيث استبعدت الشخصيات السياسية من الوجوه الوزارية المكررة أو ممثليها في البرلمان، وفشلت في المهمة الثانية، حيث لم تأتِ، على الأغلب، بوزراء اختصاصيين. فصار الفشل مضاعفاً، أوله العجز عن محاكاة الشارع وارضائه بالخطاب الاعلامي المطلوب، وثانيه الفشل في ايجاد حلول للأزمات. 

والوزير حجار، طبيب الاسنان، والعامل، بحسب سيرته الذاتية، في الحقل الاجتماعي عبر جمعيات أهلية، مطالب بالاشراف على توزيع البطاقة التمويلية، ومخاطبة المنظمات الدولية العاملة على اغاثة النازحين السوريين، والحدّ من تغوّل القوى السياسية في موازنة الوزارة التي تدفع للجمعيات الاهلية وتوفر الدعم لاغاثة المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة وغيرهم من الفئات المحتاجة لرعاية الدولة.. عوضاً عن ذلك، ذهب الى ابتداع الحلول للأزمة، عبر دعوة اللبنانيين للتقشف وتغيير نمط حياتهم، لاغياً، بذلك، حقهم بالاختيار بحسب امكانياتهم، وأشاح النظر عن المطلوب من الدولة توفيره ليصبح لبنان شبيهاً بما تقدمه فرنسا من حق بالحصول على مياه نظيفة للشرب، أو خطة نقل عام، أو رعاية صحية، أو رعاية اجتماعية لفئات تحتاجها. 

في أول اطلالة اعلامية له، إجتزأ حجار من التجربة الفرنسية، أو الصينية، تعدد الخيارات وتوفيرها، وأسقطها على التجربة اللبنانية في عصر الازمة. تعرض لنيران الانتقادات، وفشل في مخاطبة الرأي العام في أولى اختباراته، ليثبت أنه ليس سياسياَ يدوّر في العادة الزوايا، ويوصّف الوقائع بدبلوماسية، ويتخلى عن فتوته، ويستر عضلاته التقشفية بانتظار أن تعلن الحكومة برنامجها، وتضع سياستها التي يفترض أن تنال على اساسها الثقة من مجلس النواب. 

وليس هيكتور حجار حالة استثنائية في مسلسل الفشل المتواصل منذ العام 2019. سبقه الى ذلك وزير الاقتصاد راؤول نعمة، ووزير الطاقة ريمون غجر الذي دعا لاستخدام بدائل بعد ارتفاع اسعار البنزين، والمديرة العامة لمديرية النفط في الوزارة اورور فغالي... 

لم يشهد لبنان، قبل حكومتي الرئيسين حسان دياب ونجيب ميقاتي، وزراء لا يتقنون التحدث عبر الاعلام، ولا يسيطرون على تصريحاتهم والاعلان عن نظرتهم للوقائع السياسية والخطط الحكومية. في العادة، يُعطى الرأي العام ما لا يثيره، ولا يهشّم صور الوزراء. تلك ألف باء السياسة. وتبقى القرارات الموجعة، والخطط القاسية محجوزة على طاولة مجلس الوزراء، وفي اجتماعات القوى السياسية التي تنكر، وتجمّل الحقائق، وتخفف من وقعها، وتقدمها تدريجياً بشكل لا يثير غضب الناس. 

غير أن ما تحدث عنه الوزير حجار، وقبله غجر، يثبت أن هؤلاء الوزراء غير سياسيين. هم مجموعة موظفين، يحتاجون الى تجربة كبيرة في الادارة والعمل السياسي والتخاطب الاعلامي كي يستحقوا مواقعهم، وسيكونون عبئاً على النظام الذي يعيد تأهيل نفسه، وعلى القوى السياسية التي تحاول ترميم صورتها بعد التدهور المعيشي على أبواب الانتخابات. ونظراً لتسميته من قبل رئيس الجمهورية ميشال عون، سيكون الوزير هيكتور حجار عبئاً على الرئيس عون نفسه، مرة بسبب فشله التعامل كسياسي محنّك، ومرة أخرى بسبب تراجع الآمال في تحقيق انجازات خلال فترة قصيرة من الحضور في داخل الحكومة. 
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024