هنا يلتقي باسيل وترامب.. ولا يتلاقى اللبنانيون والأميركيون

المدن - ميديا

الثلاثاء 2020/10/06
نشر الرئيس الأميركي دونالد ترامب تغريدة أعلن فيها عزمه الخروج من المستشفى حيث تلقى العلاج بعد إصابته بفيروس كوفيد-19، وقال فيها أنه يشعر بتحسن كبير وأن أميركا تحت إدارته طورت عقارات ومعرفة كبيرة، مضيفاً أنه يشعر كما لو كان أصغر بعشرين عاماً. 

خصوم الرئيس الأميركي في الحزب الجمهوري والمعارضين لسياسته، شنوا عليه حملة في التعليقات الواردة على تغريدته، معتبرين أن العناية الفاخرة التي حصل عليها الرئيس غير متوافرة لعامة الشعب الأميركي والذي يملك كل الحق في أن يحصل على العناية الصحية نفسها.

كما تركز الهجوم على دونالد ترامب كونه ألغى، حال تسلمه للسلطة، نظام "أوباماكير" للرعاية الصحية، رافعاً الغطاء عن ملايين الأميركيين المستفيدين منه، بينما ينعم هو بأقصى درجات الرعاية. 

كما اعتبر المعلقون، عبارة الرئيس "لا تخافوا من كوفيد"، استهتاراً بمئات الآلاف الذين ماتوا ويموتون بسبب هذا الوباء، وهو كلام صادر عن شخص قادر على الحصول على أفضل الأدوية وأفضل الفرق الطبية للعناية به. 

في لبنان، كان النائب جبران باسيل بدوره قد خرج من مستشفى أوتيل ديو، واحدة من أفضل المستشفيات اللبنانية، معلناً انتصاره على الوباء عبر تغريدة نشرها في "تويتر" برفقة الطاقم الطبي الذي تولى مهمة العناية به. 

لكن الردود على جبران باسيل لم تكن بالمستوى المطلوب، فقد انحصرت جميعها في خانة الهجوم الطائفي والسياسي النابع من الكره لشخصه. لم يلتفت أحد إلى أن صورة جبران باسيل من إحدى أرقى مستشفيات لبنان، برفقة طاقم طبي بأكمله، وهو الذي قضى فترة علاجه في جناح خاص في الدرجة الأولى، ما يشكل استهتاراً باللبنانيين الذين عانوا في انفجار 4 آب للحصول على طبابة تعود مسؤولية تقديمها إلى الدولة. 

استهتار بمعاناة اللبنانيين على أبواب المستشفيات خصوصاً خلال الأزمة الحالية، حيث يتسول اللبنانيون الأدوية عبر صفحات "فايسبوك" ويعانون بغية دخول مستشفى ولا مستشفى تستقبلهم، ويبحثون عن قادم من تركيا ليأتي إليهم بدواء مفقود في لبنان. 

كذلك، يظهر الهجوم الشخصي على جبران قلة وعي لدى اللبنانيين بحقوقهم وبمبدأ العدالة الاجتماعية، إذ أن الرعاية الصحية هي حق للجميع، بالمستوى نفسه، سواء للمسؤولين النافذين وغيرهم من غير أصحاب النفوذ والسلطة. فليس منطقياً أن يتلقى نائب/وزير العلاج من فيروس كورونا في مستشفى راق بينما تعاني عامة الشعب في المستشفيات الحكومية حيث يشتكي الجميع من نقص في المواد الطبية والأسرّة. 

حتى لو كان جبران باسيل قادراً على نيل رعاية أفضل من بقية الشعب، بفعل ثروته، وهذا حقه، لكن من غير اللائق نشر صورته التي تظهر قلة تعاطف مع معاناة اللبنانيين. 

وبينما يتلقى الوزراء والنواب العلاج في أفضل مستشفيات البلد أو في الخارج، يستمر عداد حالات كورونا في الارتفاع، وبدأت الأصوات تعلو مهددة بوضع كارثي مرتقب في المستشفيات التي تقف على حافة الهاوية، وسط عجز تام للدولة، التي يمثل جبران باسيل جزءاً كبيراً منها، عن اتخاذ الإجراءات اللازمة أو وضع استراتيجية ناجحة لمكافحة الوباء.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024