قضية لينا جابر: روايات "مدسوسة" و"المجلس الشيعي" يتحرك

المدن - ميديا

الأربعاء 2020/02/26
وحده النشر في مواقع التواصل الاجتماعي، سيُخرج الصبية مايا اسماعيل من تحت التراب الى مشرحة القضاء اللبناني. ووحده، قاد المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، لإصدار قرار بإعادة دفنها في مقبرة عامة، بحيث لن تكون أمها مضطرة لبكائها من وراء سياج الحديقة. 

طوال ستين يوماً بعد دفن مايا اسماعيل، لم يتحرك أي شخص للتوسع في التحقيق في ظروف وملابسات مقتلها. دُفنت مايا تحت التراب، وحُرمت أمها، المطلّقة من والدها، من زيارة ضريح الفتاة القتيلة. 

لكن مقطع فيديو، بُث في مواقع التواصل الاجتماعي، مساء الثلاثاء، قلب موازين القضية وحولها الى قضية رأي عام، عندما هال الناس أجمعين مشهد الأم وهي تنتحب ابنتها من وراء سور منزل زوجها، حيث دُفنت مايا الى جانب جدتها. ولا تستطيع الأم الوصول الى القبر المنزلي من دون إذن طليقها بطبيعة الحال. 

منذ الصباح، تعددت الروايات حول ملابسات الموت، وملابسات قضية انفصال الأم لينا جابر عن طليقها علي اسماعيل. روايات ومعلومات متضاربة، شوّشت على وقع الجرم. ويندرج بعضها في إطار "الروايات المدسوسة"، تلك التي أحبطتها شقيقة لينا، حينما أدلت بتصريحات إعلامية، في حين لم يتفوّه الطليق حتى الآن بأي معلومات. 

صحيح أن القضية، في الشكل، لا يتحمّل مسؤوليتها القضاء الجعفري بشكل مباشر (القبر المسيّج في فناء بيت آل اسماعيل)، لكن الحق أنه لا يمكن فصلها عن الصراع الذي تخوضه أمهات شيعيات مطلّقات، مع هذا القضاء، حول حق الحضانة، وحق المشاهدة، وحق أمان الأطفال، وحق الأم في المعرفة. وهو ما عبّر عنه مفتي الجنوب وجبل عامل، الشيخ حسن عبدالله، بالتأكيد في تصريح اعلامي أن "للأم الحق الشرعي في أن تزور قبر إبنتها متى شاءت، ولا يمكن لأحد، أياً كان، منعها من ذلك، حتى إن كانت قد دفنت في أملاك خاصة"، مؤكدًا أنه حكم شرعي لا مساس به.

والحال أن الضغط الذي مارسه الناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي، قاد الى نتيجتين مهمتين. فقد أعلنت صفحة "ثورة امرأة شيعية" انه "تم تكليف الشيخ حسن عبد الله بمتابعة القضية، حيث أن هناك أصولاً شرعية وقانونية لا بد من اتباعها للسماح بالدفن في أماكن غير المقابر العمومية... وتجيز الأحكام المختصة المرعية الإجراء، حتى نقل الجثة إلى المقبرة العمومية بناءً على طلب الأهل". كما أشارت الصفحة الى ان "ملف مقتل الفتاة سيفتح من جديد بعدما كانت القضية قد أغلقت بشكل يثير الشكوك والاستغراب". 

وفيما أحيت القضية ملف حضانة الأطفال لدى الطائفة الشيعية، وفي ظل المعلومات عن أن هذا الأمر من صلاحيات المحاكم وليس من صلاحيات المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، قال رئيس المحكمة الشرعية في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، السيد علي مكي لـ"المدن"، إن التعليمات المعطاة للمحاكم تحظر أحكام الحضانة الديكتاتورية، إذ يجب على الأحكام أن تراعي مصلحة الولد، كما مصلحة الأم والأب، مشدداً على انه لا يجوز أن تُحرم الأم من رؤية ابنها، ويفترض أن يتيح القرار، بقوة القانون، السماح لها بمشاهدته 48 ساعة في الأسبوع، اضافة الى مشاهدته في منتصف الاسبوع إذا رغبت في ذلك، وإتاحة التواصل بين الأم والطفل عبر وسائل الاتصال المرئية والصوتية بشكل دائم ومستمر "حماية لحالة الطفل النفسية". 

وقال السيد مكي إن القرار تم تعميمه، لكنه لم ينفِ أن بعض القضاة لم يلتزم بهذه الحيثيات "لأن البعض يستند الى اجتهادات فقهاء"، وقال إنه في تلك الحالات يمكن للمتضرر أن يتقدم بشكوى الى مجلس القضاء الأعلى. وأكد "انني تمنّيتُ على القضاة أن ينظروا في ما أقول، إذ من الضروري أن يعيش الولد بين الأم والأب، ولا يعيش منفصلاً عن أحدهما". 
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024