الإعلام يجمع التبرعات.. والإعلاميون يتحسّرون

رين قزي

الإثنين 2020/03/23
لا تبدّد عبارة "MTV دولة بحالها" التي انتشرت في مواقع التواصل، كثناء على حملة جمع التبرعات، غصّة الموظفين في القناة الذين يعدون الملايين التي تتدفق الى المستشفيات الحكومية والمنظمات الانسانية اللبنانية ضمن حملة التبرعات الاخيرة التي أطلقتها القناة، بينما هم يقبضون أنصاف رواتبهم من المحطة، منذ خمسة أشهر، بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعانيها وسائل الاعلام. 

فقد فرضت أزمة انتشار فيروس "كورونا" إلتفاتة بالغة الاهمية الى المستشفيات الحكومية ومؤسسات الرعاية الاجتماعية والطواقم الطبية والعاملين في المستشفيات الحكومية، تمثلت في إغداق اللبنانيين، من سياسيين ورجال أعمال ومصارف وفنانين، بالملايين على تلك المؤسسات. سلك بعضها مسلك البرامج التلفزيونية وحملات التبرعات، ومن ضمنها برنامج "صار الوقت" الذي جمع ما يزيد على 24 مليار ليرة (أكثر من 16 مليون دولار). 

في المقابل، لا يتقاضى الموظفون في القناة، وفي قنوات اعلامية أخرى، سوى أنصاف رواتبهم بالليرة اللبنانية، ما يقلص قيمتها. علماً أن طاقم العمل في "ام تي في" يستنفر منذ أربعة ايام، ويعمل بطاقته القصوى، يتلقى اتصالات ويعد التقارير ويواكب من الكواليس، ولم يتلقَ هؤلاء أي دعم، وهنا منبع الحسرة. 

والحال أن الإعلاميين، كما العسكر والطواقم الطبية والعاملون في قطاعات الإنتاج الصناعي والغذائي، تم استثناؤهم من قرارات حظر التجوّل، بالنظر الى انهم معنيون بمواكبة الأزمة وإعلام اللبنانيين بتطوراتها، وتغطية القرارات الرسمية وسُبل تطبيقها. هؤلاء أيضاً، جنود مجهولون، لم يُلحَظوا في التقديمات والتبرعات، إسوة بالعاملين في قطاعات أخرى. وهم لا يطلبون منّة أو هبة من أحد، أو تبرعات لهم، بقدر ما يطالبون بإنصافهم. بأن يتلقوا رواتبهم الكاملة التي تعرضت للبتر إثر الأزمتين المالية والاقتصادية منذ 17 تشرين الأول، تاريخ اندلاع الاحتجاجات في لبنان. فلا التفاتة رسمية، ولا دعم للمؤسسات التي تشغّلهم، فيما يعتبر الاعلام اليوم رأس الحربة في حملة جمع التبرعات. 

فقد أطلقت "أم تي في" حملة التبرعات منذ يوم الخميس الماضي. تزامنت مع حملة أخرى أطلقتها وزيرة الاعلام، منال عبد الصمد نجد، بالإعلان عن انشاء الصندوق الخاص لتلقي التبرعات من اللبنانيين وغير اللبنانيين لمواجهة فيروس كورونا، ويعرض تلفزيون "لبنان" الرسمي أرقام الحسابات المصرفية لتحويل التبرعات اليها.
 

جمعت الحملات ما يتخطى الـ17 مليون دولار، لتمكين المستشفيات الحكومية والمؤسسات الصحية والرعائية والصليب الأحمر اللبناني من مواجهة أزمة نقص التمويل في جهودها لمكافحة فيروس "كورونا". من ضمنها، أكثر من 250 ألف دولار جمعها "التيار الوطني الحر" في حملة أطلقها أيضاً في لبنان والخارج لتمكين لبنان من مواجهة الفيروس. 

وبصرف النظر عن الانتقادات التي وجهت عبر مواقع التواصل الاجتماعي للحملات والقائمين عليها، فإن آخرين وجدوا فيها مبادرة ممتازة في ظل عجز لبنان الرسمي عن القيام بواجباته للتعامل مع الأزمة، بسبب ضعف إمكاناته التي تهدّد وجود المستلزمات الطبية المطلوبة. 

وفي مداخلات تلفزيونية مع برنامج "صار الوقت" الذي يقدمه الاعلامي مارسيل غانم، اتصل سياسيون واقتصاديون ورجال أعمال وفنانون، ليلة الأحد، واعلنوا التبرع لمواجهة "كورونا" من بينهم رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط الذي قدم 500 ألف دولار لصالح مستشفى رفيق الحريري الجامعي، و100 ألف دولار لصالح الصليب الاحمر. 

وأثار تبرع سياسيين ومصرفيين لحسابات المستشفيات الحكومية، جملة انتقادات، مثل اعتبار التبرعات حقاً للمواطن اللبناني، بوصفها "جزءاً من عملية استعادة الأموال المنهوبة"، فيما رأى آخرون أنها إساءة للبنان الرسمي، وتلميع لصور الزعماء التقليديين والمصارف. 

لكن رئيس الحكومة حسان دياب، كان له موقف آخر، إذ قال الخميس: "مرة جديدة يثبت اللبنانيون أنهم قادرون على مواجهة التحديات وأن يتكاتفوا ويتعاونوا ويقدموا التبرعات الخاصة بمواجهة فيروس "كورونا" ويثبتوا أنهم شعب يستحق لبنان". فتحية للشعب والمتبرعين.. لكن ماذا عن الدولة؟
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024