النيرب: دبابات الجيش التركي كمؤشر للنصر.. لا الحماية

رين قزي

الخميس 2020/02/20
رفع الهجوم التركي على بلدة النيرب في شمال سوريا، معنويات المعارضين السوريين الذين يعيشون منذ شهرين حالة من الانكسار إثر هجوم الجيش السوري النظامي مدعوماً بقوات روسية، على مناطق واسعة في ادلب وحلب. 


عبارات النصر تملأ مواقع التواصل، كذلك الذمّ في قدرات الجيش الروسي، والاعلان عن الخسائر السورية التي ناهزت السبعين قتيلاً، من ضمنهم قائد الهجوم في النيرب، وقائد غرفة العمليات الموجود في سراقب. استثمر المعارضون تلك المعطيات للبناء على "نصر وشيك" يحل محل الخسائر التي طاولت رقعة الانتشار الجغرافي خلال الأيام القليلة الماضية. 


منذ الصباح، واكب المعارضون التوغل العسكري التركي بشيء من الفخر، من غير أن يتخلى هؤلاء عن عبارات ايديولوجية واظبوا على بثها منذ بدء الأزمة. "استنفار في صفوف الجيش المحمدي"، كانت عبارة كافية للتمهيد للعملية العسكرية التي تضاربت المعلومات حول نتائجها حتى الآن، بين قائل بأن القوات التركية سيطرت على النيرب، وآخر ينفي ذلك. 


لاحقاً بدأ ضخ الفيديوهات التي تثبت تقدم المدرعات التركية. هو مشهد انحسر منذ العام الماضي على الأقل، إثر العملية التركية في شرق الفرات. فالفيديو هنا، هو سلاح نفسي بالغ التأثير. تم توزيعه في مجموعات الواتسآب، وتصدر تغريدات السوريين في "تويتر" و"فايسبوك" ليدفع برسالة سياسية مفادها أن التقدم الميداني اتخذ بقرار، والمواجهة هي الملاذ الاخير للأتراك بوجه التعنت الروسي. 

والحال إن المعارضين الذين خنقهم، في وقت سابق، التنسيق التركي – الروسي، وجدوا في المواجهة الآن فرصة للخروج من مأزق الصمت. فالتنسيق السياسي والميداني بين الروس والأتراك، قضى منذ العام 2016 على فرص التمدد الميداني للوصول الى العاصمة السورية، او الاحتفاظ بمكتسبات ميدانية أساسية كانت قوات المعارضة السورية حققتها طوال 4 سنوات من النزاع العسكري. كان السوري المعارض مكسوراً. قيدته الاتفاقات، وأسكتته التفاهمات. تحرر الآن من ذلك الصمت، ومن الانكسار. يقول العميد أحمد رحال، الذي أعيد توجيه تغريدته بكثافة: "39 دقيقة كانت كافية لحسم معركة النيرب". 

وحوّل السوريون المعركة الى فضاء دولي، للتدليل على حجم القدرة العسكرية لمواجهة الآلة العسكرية الروسية. "التقدم مدعوم من الولايات المتحدة"، يقول مغرد، ويضيف آخر إن "صواريخ الباتريوت (منظومة الدفاع الجوي التي يعتمدها حلف الناتو) ستصل الى الأتراك لدعمهم". هي رسائل دعم نفسي، بمعزل عن دقة المعلومة ومصدرها، لكنها تحتل جانباً أساسياً من معركة رفع المعنويات التي لم تتأثر بالضخ النظامي حول مؤشرات المعركة والتدخل الجوي الروسي لضرب القوات السورية الموالية لتركيا. 


مُوالو النظام، تدخلوا لدحض المعلومات عن تقدم القوات التركية في النيرب. صُور لدبابات محترقة يبثها موالو النظام والمغردون الأكراد. كل منهم له مصلحته السياسية في تعميم أنباء ميدانية تشير الى انكسار تركي. الأول من موقعه "المنحبكجي"، والثاني من موقع العداء الكردي للأتراك. امتلأت الصفحات الموالية بالانتقادات لتغريدات وصفت قتلى الجيش التركي بـ"الشهداء". 


كما زخرت تلك التغريدات بمعلومات ميدانية مستقاة من النظام عن صد الهجوم، وصولاً الى تبني ما أفادت به "الاخبارية السورية" بأن "الهجوم الإرهابي على محور #النيرب ترافق  مع ضخ إعلامي وترويج لمعلومات كاذبة لرفع معنويات الإرهابيين". وتتحدث تغريدة أخرى عن "أنباء عن إصابة عدد من عناصر جيش العدو التركي جراء غارة جوية للطيران الحربي الروسي على تجمع لهم يُستخدم لتقديم الدعم الناري للمجموعات الإرهابية وذلك بالقرب من قرية #قميناس غرب #النيرب". 

معركة النيرب، هي معركة اعلامية، أكبر من نتائجها الميدانية حتى الآن. معركة أخرجت السوريين من الإحساس بهزيمة مكتملة، ومدّتهم بالأمل بأن هناك مساعٍ لرفع الانكسار وحماية ما تبقى من الإنجازات الميدانية، بعيداً من سلطة الأسد. 
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024