وثائقي جريمة فيلا نانسي عجرم... هل خرق سريّة التحقيقات؟

إيمان ابراهيم

الخميس 2020/07/30


رغم عرض منصة "شاهد  VIP" ما أسمته الرّواية الكاملة لمقتل السوري محمد الموسى، على يد الطبيب فادي الهاشم زوج المغنية نانسي عجرم في منزلهما ليلة 5 كانون الثاني/يناير الماضي، لا تزال الرّواية مبهمة بالنسبة إلى كثيرين.

ولم تبدد وفرة الإجابات التي تمكّن معدّ الوثائقي ومقدّمه الإعلامي جو معلوف من الحصول عليها من المتّهم كما من أهل القتيل، أسئلة لا يزال البعض يطرحها، وتنتظر صدور القرار الظنّي الذي سيكشف الكثير من الحقائق، بينما يذهب البعض إلى اتهام معلوف ومنصّة "شاهد" بالتواطؤ مع نانسي وفادي لتبرئة هذا الأخير إعلامياً، قبل صدور القرار المنتظر. 

الوثائقي أثار انتقادات حادّة قبل عرضه، وسط تساؤلات عن توقيته بعد أشهر من وقوع الجريمة، وقبل أسابيع من صدور القرار الظني، إلا أنّ عرض المنصّة لـ"الرواية الكاملة" جاء ليدحض الكثير من الاتهامات.

فقد حرص معلوف على تناول القضيّة من كل جوانبها، من لحظة مراقبة السارق القتيل لمنزل الهاشم، إلى لحظة مواجهته بالهاشم، وإطلاق هذا الأخير النار عليه بعد توجّهه إلى الممر الذي يفضي إلى غرفة بناته.

فادي روى ما حصل من وجهة نظره مستعيناً بكاميرات المراقبة التي توثّق الحقيقة، كذلك فعلت نانسي والعاملون في الفيلا، أما أهل القتيل فلم يكن لديهم الكثير ليقولونه، بسبب وجودهم في سوريا، وعدم لقائهم بابنهم القتيل منذ 8 سنوات.

وبعد عرض الوثائقي، أثيرت التساؤلات حول قانونيّة الإحاطة بقضيّة من كافّة جوانبها قبل صدور القرار الظني، وما إذا كان الهدف تصويب الرأي العام تجاه براءة الهاشم الذي أجاد تقديم نفسه في الوثائقي وبدا مقنعاً، في حين لم يكن لدى أهل القتيل معطيات للدفاع عن ابنهم.

"الرواية الكاملة" 90 دقيقة من عشر ساعات تمّ تصويرها، هو وثائقي مشغول بطريقة احترافية، أقنع كثيرين بأن ما عرض هو الرواية كاملة، بينما تمسّك البعض برأيه، وأنّ ما عرض هو ما أراد فادي ونانسي عرضه، رغم أنّ معلوف حرص على فرد مساحة لعائلة القتيل لتقول ما لديها، بانتظار قرار القاضي الذي سيصدر خلال أسابيع، بعده يصبح الوثائقي مجرّد مادّة أرشيفية يتم العودة إليها لتجميع خيوط القضية التي يبدو أنّه سيمر وقت طويل قبل أن ينساها الرأي العام.

إفادة متناقضة لفادي الهاشم؟

مصدر حقوقي متابع فضّل عدم ذكر اسمه، أكّد لـ"المدن" أنّ الوثائقي الذي عرض بغضّ النّظر عن مضمونه قبل صدور القرار الظنّي الذي سيصدر عن قاضي التّحقيق الأوّل في جبل لبنان نقولا منصور، هو استباق للقرار، مع الإشارة إلى أنّ التحقيقات قد ختمت وأحيل الملفّ إلى النّائب العام الاستئنافي في جبل لبنان غادة عون، لإبداء مطالعتها بالأساس تمهيداً لصدور القرار الظنّي المرتقب.

ولفت المصدر إلى أنّ استفاضة الوثائقي في سرد الوقائع، كالتي أدلى بها للمرّة الأولى الهاشم، قد لا تتطابق مع إفادته أمام قاضي التحقيق الأوّل، مع العلم أنّ سريّة التحقيقات لا تزال قائمة، حتى صدور القرار النهائي.

كما لفت إلى أن منصّة "شاهد" قد تكون ارتكبت خطأً مهنياً باستباقها قراراً قضائياً قريب الصّدور، متسائلاً: "ما هو موقفها في حال تمّت إدانة فادي الهاشم؟"، ورأى أنّ الوقائع التي سردت كانت مقدّمة للبراءة الإعلامية قبل البراءة القضائية.

وعمّا إذا كان ملف القضيّة يميل إلى تبرئة الهاشم أكّد المصدر أنّ القرار الظنّي سيصدر قريباً، وسيكون إما منع المحاكمة عن المتهم، أو إدانته، وعندها يتحوّل إلى المحكمة، لكنه لفت إلى أنّ هناك أحاديث في أروقة قصر العدل، تتحدّث عن إفراط المتّهم في حقّ الدّفاع المشروع، والذي قد يطال المدّعى عليه فادي الهاشم.

كما تساءل المصدر عن أمورٍ لا تزال غامضة، مثل إصابة نانسي برجلها وهو ما أثبته تقرير الطبيب الشرعي، رغم أنّها قالت إنها ساعة إطلاق النّار كانت في الحمام، وقال إنّه لا يزال ينتظر تفسيراً مقنعاً لهذه النّقطة، كما تساءل عن موضوع الاتصالات الهاتفية، واتّصال وارد من هاتف السارق المقتول إلى عيادة الطبيب فادي الهاشم، استمرّ خمس دقائق.


جو معلوف: الوثائقي لم يخرق سريّة التحقيقات

في المقابل، اكد الإعلامي جو معلوف لـ"المدن" أنّ الوثائقي الذي تمّ إعداده مع الزميل رامي زين الدّين تم تقديمه بمنتهى الحرفية، وكان الهدف منه البحث عن الحقيقة، فلم يترك سؤالاً مطروحاً على السوشال ميديا لم يطرحه خلال الحلقة، ليحصل على الإجابات من مصدرها.

وأكّد معلوف أن الوثائقي لم يخرق سريّة التحقيقات. وعن مشروعية عمل وثائقي عن قضية لا تزال منظورة أمام قاضي التحقيق، قال جو إنّ كل القضايا التي تطرح في الإعلام عن جرائم تكون منظورة أمام القضاء، حتى أن بعض وسائل الإعلام تستطرد في كشف الأسماء والوقائع والتفاصيل وتخرق أحياناً سريّة التحقيق، مؤكّداً أنّ الوثائقي لم يقترب من الملف القضائي.
ولفت إلى أنّ كل وسائل الإعلام سبق وتناولت القضيّة من كل جوانبها، ولم تتهم بخرق سريّة التحقيق واستباق القرار الظنّي، متسائلاً عن الضجّة والاتهامات التي سبقت وتلت عرض الوثائقي.

وعن تبرئة الهاشم في الوثائقي، أكّد جو أنّه لم يقدّم حلقة المراد منها أن يتعاطف المشاهدون مع نانسي وفادي، كما أكّد أنه لم يخرج عن الوقائع ولم يدخل بالتحليل ولم يدلِ بأي رأي خاص، بل سمع من الطّرفين وجهة نظرهما.

وعن غياب التّوازن عن الحلقة، التي أفردت مساحة كبيرة لنانسي وفادي مقابل مساحة أقل لأهل القتيل، أكّد جو أنّ هذا الأمر طبيعي، لأنّ الجّريمة وقعت في منزلهما، ولأنه كان لدى فادي ونانسي وكل العاملين في الفيلا الكثير من الأمور لسردها عن وقائع تلك الليلة، في حين أن أهل القتيل، وكما قالوا خلال الوثائقي، لم يشاهدا ابنهما المقيم في بيروت منذ 8 سنوات، ولم يكن لديهما الكثير ليقولانه خلال الحلقة.

وقال معلوف إنّه أرسل فريق عمل إلى منزل أهل القتيل، و"تواصلنا معهم من خلال السكايب، وأجرينا مع والديه مقابلة، لكن عندما يقول الأهل إنّهما لم يريا ابنهما منذ 8 سنوات، ماذا سنسألهما بعد؟".

وأكد جو إنّه لم يتمكّن من الذهاب إلى سوريا لإجراء المقابلة شخصياً بسبب إقفال الحدود جراء تداعيات فيروس كورونا.

وعن الهدف من إجراء الوثائقي قال جو إن "القضيّة ساخنة وأصبحت قضية رأي عام شغلت الجمهور اللبناني والعربي، ولم تطرح من كافّة جوانبها، كنت أبحث عن الحقيقة من كافّة جوانبها، لذا لم يكن سهلاً إقناع نانسي بالظّهور في الوثائقي، وقد اقتنع فادي قبل نانسي التي كانت ترفض الأمر رفضاً قاطعاً، كذلك كان صعباً إقناع عائلة القتيل وتواصلت مع العائلة مع خلال محاميها وائل شريف الذي أقنع والدي القتيل بالظهور معنا".

وعن حقيقة ما قيل عن أنّ تصريحات فادي في الوثائقي مناقضة لما أدلى به في جلسات التحقيق، قال جو إنّ "التحقيق سرّي والقاضي وحده هو الذي يعرف تفاصيل الملف والتحقيقات".

ورأى معلوف ان ردود الأفعال حول الوثائقي كانت إيجابيّة، باستثناء قسمٍ حكم عليه قبل أن يشاهده، مؤكداً أنه ليس قاضياً وليس من حقّه إصدار أحكام، وإنه لم يترك نقطة ولا اتهام لفادي ونانسي إلا وطرحه وواجههما به.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024