تعرفوا على مريم نور التركية

جو حمورة

السبت 2016/05/21
لسنوات طويلة، شكّلت مريم نور ظاهرة في الإعلام اللبناني. البعض باتوا من أتباعها، وآخرون وصفوها بالجنون، إلا أن عملها الداعي إلى تغيير حياة الإنسان والإهتمام بصحته، بدا استثنائياً على مدى السنوات الماضية... على طريقتها.

إلا أن بروز إستثنائية مريم نور على النطاق المحلي والعربي، لا ينطبق عليها عند مقارنتها بآخريات مِمَن سلكوا طريق الإعلام التلفزيوني وحملوا قضية "إصلاح حياة الناس" وتحسين صحتهم. ففي كل بلد مريم نور ما، ومنها تركيا حيث تشكل البرفسورة جنان كراتاي، أبرز الأمثلة على أن حالة مريم نور ليست استثنائية جداً.

وللبروفسورة في أمراض القلب، الكثير من النصائح الصحية التي يراها العديد من الأتراك غريبة. ومنها نصائح تتعلق بعدم تناول الفواكه بشكل قطعي ما عدا التفاح المهترئ، وذلك لاعتبارها أن الفواكه تتشابه تركيبتها مع تركيبة الكحول المضرة بالصحة!

كحال مريم نور، تعمد كراتاي إلى توجيه الإنتقادات اللاذعة للناس عبر إطلالاتها التلفزيونية، ومنها "أن الأتراك أغبياء لأنهم لا يأكلون البيض بكثرة". وتظهر على التلفزيون بثياب تبدو قديمة، وتجلس بطرق "مختلفة" لا تتشابه مع الطرق المعتمدة عند الظهور على وسائل الإعلام.

من ناحية أخرى، فإن لكراتاي معجبين كثيرين، ومنهم من يعتمد نصائحها الغذائية كما الأخلاقية والدينية. إلا أن آخرين يعارضونها وينسبون لها صفات تتعلق بالجنون والخرف. كما أن بعض المنظمات والجمعيات الصحية والغذائية غالباً ما ترفع دعاوى قضائية بحقها بسبب نصائحها الصحية المستهجنة والاهانات التي توجهها للأتراك، إلا أن هؤلاء لا يفلحون في ثنيها عن إسداء المزيد من النصائح للناس أو حتى إزدياد شهرتها.

ومن نصائح كراتاي كذلك، الإكثار من استهلاك حبوب الزيتون بمعدل 71 (!) حبة يومياً، كما الامتناع عن تناول اللحم بعجين، والإكتفاء بوجبة غذائية واحدة يومياً. ولها كتاب في السوق التركي يعالج موضوع الحمية، وموقع إلكتروني خاص يقدّم النصائح الغذائية للجمهور ويتلقى أسئلتهم واستفساراتهم.

وعلى الرغم من أنها تمارس مهنة "توعية الناس"، كما تصف عملها منذ سنوات، ولها شهادات معتبرة من الجامعات التركية والبريطانية كما تدعي، إلا أن كراتاي لم تحصد الكثير من التقدير والثناء والإحترام من قِبل المجتمع التركي. ومرد ذلك يعود ربما إلى أن أسلوب ظهورها التلفزيوني وطريقة تقديمها للنصائح بطريقة فظة، لا يجعل من تواجدها في حياة الأتراك محبباً جداً. كما يشوب عملها، وحلقاتها التلفزيونية ومقابلاتها وموقعها الإلكتروني، التركيز على نشر نصائحها باللغة التركية حصراً، ما يجعل جمهور كراتاي محصوراً في المجتمع التركي ذي الثقافة الغذائية التقليدية الخاصة والذي لا يقبل بسهولة أي تغيير بطريقة أكله واستهلاكه وعيشه.

ولمريم نور، كما لكراتاي، كارهون ومنتقدون أكثر من عدد المحبين والمعجبين، فيما تبقى غرابتهما سيرة على ألسنة الناس بين الحين والآخر، فتتحول تلك الغرابة إلى مصدر لشعبية النموذجين اللبناني والتركي. ولهذا، تعمدان، عن دراية أم لا، إلى إستفزاز الجمهور بنصيحة غريبة أو إهانة ما بين فترة وأخرى، فيكون الرد والإنتقاد لهما مصدراً جديداً لشعبيتهما. فيما لا يبقى من هذه "الشعبية" الجديدة بعد إنتهاء حملة الإنتقادات، سوى عدد قليل من المعجبين الجدد ممن تغويهم الشهرة الظرفية للتوغل في فهم هذه الشخصيات الغريبة والتعلق بها وتطبيق نصائحها.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024