الاقصى بلا صوت الآذان: الرد الفلسطيني في "تويتر"!

علي السقا

الثلاثاء 2016/11/15
صفحة جديدة من الصراع فتحت بين الفلسطينيين وسلطات الاحتلال. لكنها هذه المرة اتخذت بعداً دينياً واضحاً، حرك الشارع الاسلامي الفلسطيني والعربي. حيث صادقت اللجنة الوزارية الاسرائيلية لشؤون التشريع، على ما يسمى بــ "قانون المؤذن" والذي يمنع بموجبه إطلاق الآذان عبر مكبرات الصوت في القدس، وخاصة في المسجد الاقصى.

الخطوة الإسرائيلية تشير الى تنامي نفوذ الجناح الإسرائيلي الموغل في التطرف، والذي سيجر الفلسطينيين إلى صدام ديني، سيكون من نتائجه البعيدة، إدراج النضال الفلسطيني في أضيق زواياه، أي الدين، واستبعاد ما قام عليه هذا النضال تاريخياً، من عناوين أخرى أكثر رحابة وقدرة على اجتذاب الدعم الشعبي والسياسي. 

ولعل مطالعة التفاعل الفلسطيني الشعبي مع القرار الإسرائيلي، يؤشر بوضوح إلى أن ردود الفعل لم تخرج عن إطار الدفاع عن الدين. تحت وسم "لن تسكت المآذن"، كان الجو العام وكأنه حرب بين الاسلام واليهودية، من دون وعي إلى أن ما يجري هو جزء من سياسة أكبر ينتهجها الاحتلال لتغيير هوية القدس، التي قامت أساساً على تفاعل بين المسيحية والاسلام وحتى اليهودية في مراحل تاريخية سابقة على قيام كيان الاحتلال. حيث غرد أحدهم قائلاً "سيبقى الأذان يصدح ويعلو بجميع أرجاء فلسطين فلن يسكته الصهاينة الحاقدون، لن ترضى عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم".

نص المشروع أخفى التحايل على الهدف الاساسي وهو التضييق على المسلمين في القدس. فقد تم التسويق له من باب الحفاظ على الهدوء وعدم التسبب بالازعاج لسكان القدس، حيث جاء فيه أن "مئات آلاف الإسرائيليين يعانون بشكل يومي وروتيني من الضجيج الناتج عن صوت الأذان المنطلق من المساجد". وهذا بالطبع لا ينطبق على أهالي القدس من المسلمين والمسيحيين، الذي يعانون الامرين كل سبت، حيث تقام الصلوات اليهودية عند حائط البراق وغيره، أو خلال الاعياد اليهودية التي تقفل معها كل الطرقات والمعابر.   

وبرغم الاختلاف بين اللغتين الرسمية والشعبية الفلسطينية تجاه القرار الاسرائيلي، فقد كان اعتراف عند البعض بأن الاذان ربما يكون فعلاً يتسبب بازعاج ما. حيث قال رئيس الطائفة الاحمدية محمد شريف عودة، إنه اذا كانت أصوات المكبرات تزعج البعض فإنه يجب التفكير بخفضها. إلا أن مغردين في "تويتر"، استنكروا هذا الامر حيث كتب أحدهم "غداً يأتي ليبراليون ويقولون إن صوت الاذان ازعاج وفيه ناس مريضه وفيه ناس نايمه وكلام فاضي، انتظروها منهم قريباً".

في المحصلة فإن القرار الاسرائيلي، الذي قد يكون رد فعل على قرار اليونيسكو الاخير بخصوص القدس، سيدفع مع الوقت إلى تأجيج الكراهية الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين المسلمين، وربما تطال في وقت لاحق المسيحيين أيضاً، وهذا من شأنه أن يزيد حدة الاعتداءات على الجماعتين. 

ويظهر أن المعركة الافتراضية التي يخوضها الفلسطينيون وبعض العرب، خاسرة، ذلك أنها لم تعرف كيف ترتقي بالقضية إلى مستوى التراث التاريخي الذي يضم فرائض الاسلام ومحتواه الثقافي. ويظهر ذلك واضحاً في "تويتر"، من مقولات مثل "سيبقى الاسلام عالياً فوق كل حاقد على الاسلام. دام عز المسلمين، والله يعيد الى المسلمين صفوفهم واخلاقهم المسلوبه منهم". 

في حين أن اللغة الرسمية كانت أكثر نجاحاً، لتسليطها الضوء على مكانة تراث القدس الذي لا يقتصر على المسلمين. فقد اعتبرت الهيئة الإسلامية - المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، أن القرار الاسرائيلي "عنصري وتطرف واضح ضد المقدسات في القدس المحتلة"، مؤكدة أن "الأذان واحد من سمات المدينة المميزة، يصدح من كافة المساجد وفي مقدمتها المسجد الأقصى، والتعدي عليه هو تعدٍ على كل ما هو مقدس في المدينة".
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024