لبنان: التمييز الجنسي ينتشر..والحلول ممكنة

بشير مصطفى

الأحد 2019/09/22


"التمييز الجنسي هو امر عام في لبنان ومنتشر على نطاق واسع". هذا ما خلص اليه المسح الوطني للحقوق الجنسية الذي قام به "المعهد العربي لحقوق الإنسان" و"مؤسسة مهارات"، حيث اطلع فريق العمل عن قرب على عمل الوزارات والإدارات الصحية والمجتمع المدني.

وخلص الى ان  الطروح "الليبرالية" التي يرجونها "لن تنتقل إلى أرض الواقع إلا بنشر الوعي والعمل مع الإعلام لصياغة خطاب حقوقي إنساني  ومع السلطات التربوية لوضع مناهج ترتقي بعقول المتعلمين نحو التسامح وقبول المختلف".

من هنا، بدأ العمل لازالة العقبات التي تواجه الإعتراف بمسألة "الحقوق الجنسية والحقوق الإنجابية: حقوق إنسانية كاملة" في لبنان. وفي إطار الجهود لنشر الخطاب الجديد، أقام المعهد العربي لحقوق الإنسان بالتعاون مع مهارات ورشة عمل لتدريب عينة من الإعلاميين اللبنانيين.

وهدفت الورشة إلى تنوير الإعلاميين والصحافيين اللبنانيين على ضرورة مقاربة المواضيع المتصلة بالحياة الجنسية إنطلاقا من الجانب الحقوقي، كما استعرضت مديرة المعهد المسح الميداني للتشريعات والسياسات اللبنانية في المواضيع المتصلة بالجنس. 


الحاجة لإعلام التنوع

يؤكد منسق المشاريع في مهارات حسين الشريف أن المؤسسة تسعى منذ سنوات لنشر قيم "إعلام التنوع". ويلفت الشريف في حديث لـ"المدن" الى أن الهدف هو إعلام ينظر بمساواة إلى جميع شرائح المجتمع ويوصل أصوات الفئات التي تعاني من تضييق كالمثليين والمغتصبات والنساء اللاجئات والعاملات المنزليات وذوي الإحتياجات الخاصة وغيرهم.

ويعرب الشريف عن اعتقاده أن هناك حاجة كبيرة لتدريب الكوادر الصحافية على كيفية مقاربة المواضيع المتحسسة لقضايا الجندر والحقوق والحريات الجنسية، وقد قامت مهارات بسلسلة ورشات تدريبية. ولم تتوقف عند هذا الحد بل كانت تواكب كل خطة تدريبية مع دراسة موثقة ورصد لسلوك وسائل الإعلام وهي توصلت إلى ميثاق شرف إعلامي في عام 2015، حيث أعلنت 34 مؤسسة إعلامية التزامها بأخلاقيات العمل والتغطية المتوازنة.


الإعلام في قلب المعركة

مديرة المعهد العربي لحفوق الانسان جمانة مرعي تطرقت الى مركزية الجنس في حياة الانسان، ودعت الاعلام الى أن لا يبقى متفرجاً وينقل الأخبار دونما غوص في التفاصيل. وتضمن النقاش شكوى إعلامية من عدم القدرة على الوصول إلى مصادر المعلومات الدقيقة في المسائل المتصلة بالحياة الشخصية، اذ ان مؤسسات الدولة ما زالت تفرض سياسة التعتيم على البيانات والأرقام بالرغم من إقرار قانون حق الوصول  إلى المعلومات. كما أن هناك صوراً نمطية في التعامل. وأكدت مرعي لـ"المدن" أن على وسائل الإعلام كسر المحرمات والتربية على حقوق الإنسان. 

ويعتقد كثيرون أن تغيير تعاطي مؤسسات الإعلام مع القضايا الإشكالية يبدأ من إدخالها إلى غرفة التحرير، وهو أمر يتعثر أحياناً بسبب مواقف أصحاب الكلمة الفصل داخلها. لذلك يأتي الإقتراح بأن يشمل التدريب مدراء التحرير في المؤسسات.

وترفض مرعي إستمرار الوضعية القائمة، لذلك تسعى لأن يصل صدى التقرير الوطني للحقوق والحريات الجنسية والانجابية الى صناع القرار. ومن هنا مصدر التعويل بأن يلعب الإعلام اللبناني دورا مسرعا في عملية التغيير، حيث يقع على عاتقه إلى جانب وزارة التربية نشر الثقافة الحقوقية المساواتية في الأوساط اللبنانية.

ويطالب التقرير الحقوقي بإلغاء العذر المخفف لما يسمى بجريمة الشرف، وكذلك المجامعة على خلاف الطبيعة، وتجريم الإجهاض. ويوصي بإحترام الخصوصية والكرامة الإنسانية، عدم التدخل بالحياة الخاصة والحفاظ على المعطيات المتعلقة بحياته وصحته الجنسية، تحديد سن دنيا للزواج، الحق في الالتزام وعدم الإلتزام بالزواج وتكوين أسرة، والحق في التعبير عن الهوية الجنسية، تحسين السجون لتأخذ بعين الاعتبار الميول الجنسية المختلفة للأشخاص، وقف الممارسات العنصرية في لبنان ضد اللاجئين، وصولا إلى توسيع إمكانية الحصول على وسائل منع الحمل، وبالتالي إتخاذ القرار بالإنجاب من عدمه.

وخلص المسح إلى ضرورة سير لبنان خطوة إلى الأمام في حماية كافة مواطنيه والمقيمين، وذلك من خلال الإلتزام بمنظومة حقوق الإنسان والمعاهدات الدولية.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024