147 مسافراً من لبنان نحو اسرائيل منذ الربيع..مَن هُم؟

أدهم مناصرة

الأربعاء 2021/09/15
وكأنّ الدول "المُعادية" لا تجلب لإسرائيل المخاوف الأمنية والعسكرية فقط، بل وأيضاً الرّعب الفيروسي!..
هذه هي الصورة "الدعائية" التي يحاول الموقع الإلكتروني لوزارة الصحة الاسرائيلية، أن يرسمها بين سطور قاعدة بيانات كوفيد-19 الخاصة به.. معززاً إياها بتساؤل، مفاده: "ما هو الشيء المشترك بين إيران واليمن وسوريا وليبيا؟".

وتظهر البيانات في لوحة معلومات الوزارة الإسرائيلية في الإنترنت، والتي تقدم إحصاءات كوفيد-19، أن المئات وصلوا الى كيان الاحتلال، خلال الأشهر الاخيرة، قادمين من "دول مُعادية"؛ أبرزها لبنان وإيران، والعراق وسوريا واليمن ولبنان وليبيا وبروناي وحتى كوريا الشمالية.. جالبين معهم متحورات فيروس كورونا، على حد تعبير صحيفة "هآرتس". وبدت "هآرتس" اليسارية، متورطة في تكريس البروباغندا الإسرائيلية التي تُظهر الاحتلال في موقف المتضرر و"المُعتَدى عليه" من دول الجوار، حتى وبائياً، إضافة إلى استعلائها باعتبارها "الأكثر قدرة على ضبط الحالة الوبائية ومواجهة كورونا على مستوى المنطقة والعالم".

فلماذا خصصت قاعدة البيانات المذكورة زاوية للبنان ودول أخرى تصفها بالمعادية، من دون وضعها في لائحة واحدة مع الدول الأخرى التي تربطها بإسرائيل علاقات دبلوماسية وطبيعية؟!.. بمعنى، ما وراء الفصل الوبائي بين دول "معادية" أو "صديقة" بالنسبة للإحتلال؟ ثم، مَن هم الذين جاءوا الى الأراضي المحتلة مِن لبنان وسوريا وإيران وغيرهما في الأشهر الاخيرة؟.. وفي أي سياق؟

تقول "هآرتس" إنه ليس من الواضح ما إذا كان هؤلاء الأشخاص هم إسرائيليون سافروا إلى تلك البلدان وعادوا ضمن مسارات متعددة، أو هم مواطنو تلك الدول الذين دخلوا إسرائيل بطريقة أو بأخرى، أو مواطنو دول ثالثة سافروا إلى تل أبيب بعد زيارة إيران ودول غيرها. لكنّ كاتبة المقال، أليسون كابلان سومر، حاولت أن تُضفي حُسن نية على دوافع الوزارة الاسرائيلية للنشر بهذه الطريقة، عبر زعمها "أنها تهدف بأرقامها إلى زيادة وعي المواطن الاسرائيلي بالدول التي يجلب منها الاسرائيليون والزوار، فيروس كورونا؛ على الأرجح لتثبيط مثل هذا السفر". وتابعت الكاتبة الإسرائيلية: "لكن ليس من الواضح سبب قدوم هؤلاء الزوار".

ويُظهر الرسم البياني في موقع وزارة الصحة الإسرائيلية، كما تحلله "هآرتس"، عدد الأشخاص الذين دخلوا من بلدان مختلفة خلال الأشهر الأربعة الماضية إلى إسرائيل، وكم منهم ثبتت إصابتهم بالفيروس. ووفق تفسير بعض الأرقام، مثل دخول شخصين من إيران، فإن هذا كان في إطار وصول مهاجرين جدد، أو زيارة أفراد الأسرة لـ"مجتمع اليهود الصغير" في الجمهورية الإسلامية، حسب "هآرتس". وبناء على الأرقام أيضاً، وصل سبعة أشخاص من اليمن، وأربعة من ليبيا وخمسة من كوريا الشمالية. كما دخل شخص واحد من بروناي وشخص آخر من باكستان. لكنّ الأعداد الكبيرة التي اعتبرت صحيفة "هآرتس"، أنها أكثر إثارة للدهشة ويصعب تفسيرها، تمثلت بمجيء نحو 147 مسافراً من لبنان إلى الأراضي المحتلة منذ الربيع الماضي. دخل 502 شخصًا إلى إسرائيل من سوريا، و161 من المملكة العربية السعودية، و96 من العراق.

وحاولت "المدن" الحصول من مصادر فلسطينية على معلومات مفصلة، إذا وجدت، بشأن كيفية دخول هذا العدد من القادمين من لبنان على وجه التحديد، إلى الأراضي المحتلة، وأي مسار تم اتباعه في السفر وصولاً إلى تل أبيب، أو هويات هؤلاء الأشخاص. لكن مصادر متعددة أفادت بأن الحديث هو عن أشخاص من القدس والضفة الغربية، مروا بلبنان، ثم الأردن، وبعدهما اسرائيل، أو هن لبنانيات متزوجات من فلسطينيين، أو فلسطينيون لديهم أقرباء في لبنان، وقد مروا جميعاً عبر مطار "بن غوريون"، بعد المرور في بلد ثالث. إضافة إلى أوروبيين وربما لبنانيين يحملون أكثر من جنسية، فضلاً عن الزائرين ضمن "السياحة الرائجة" هذه الأيام، والتي يخصص بموجبها السياح القادمون من شرق آسيا أو أوروبا، يوماً لكل دولة في الشرق الاوسط.. يوم في لبنان، وآخر في مصر، وثالث في الأردن، ورابع في فلسطين المحتلة، وهكذا.

وفي حين أن المخاطر الأمنية في اسرائيل، المرتبطة بهذا السفر، موجودة، فإن مخاطر وباء كورونا ومتحوراته ليست عالية في منظور خبراء الصحة الإسرائيليين.. بدليل أنه من لائحة البلدان التي تبدو محظورة ظاهريًا، أعادت السلطات الإسرائيلية مسافرين فقط نتيجة اختبار الفيروس، أحدهما من العراق والآخر من المملكة العربية السعودية.

وتُروّج إسرائيل بأنها تفرض قيودًا جديدة على فيروس كورونا، في أيام الأعياد اليهودية في أيلول/سبتمبر الجاري؛ بسبب القلق من الحالة الوبائية التي تشهدها مؤخراً. وذكرت "هآرتس" أن الدولة العبرية تُقيد السفر عبر مطار تل أبيب، رغم تباطؤ الإصابات بالفيروس، وسط مخاوف من انعكاس الأعياد اليهودية سلباً. علماً أن موقع وزارة الصحة الاسرائيلية، يصنف دولة لبنان، من الناحية الوبائية، ضمن اللون البرتقالي، أي دولة خطرة من ناحية انتشار فيروس كورونا وطفراته المختلفة.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024