أسقَط "كلّن يعني كلّن".. جاد غصن عائداً إلى ممانعته

قاسم مرواني

الجمعة 2021/04/30
تعرض الاعلامي جاد غصن إلى حملة انتقادات في مواقع التواصل على خلفية دعوته "حزب الله" إلى الحكم، واستلام السلطة في لبنان، في تناقض مع ما كان هو نفسه يدعو إليه، وخصوصاً تقديم نفسه كمعارض للمنظومة السياسية ككل، وتبنّي شعار "كلن يعني كلن".  
مؤيدون لجاد غصن ادعوا أن ما تداوله الناشطون هو اجتزاء لكلام غصن من فيديو كامل مدته ربع ساعة، وأن غصن قصد من دعوته إلى حزب الله لاستلام الحكم في لبنان، اخضاع حزب الله لاختبار، مع معرفة غصن المسبقة بأن الحزب سيفشل في الاختبار. إلا أن ما يقوله غصن في الفيديو الكامل، أكثر بكثير من دعوة حزب الله إلى الحكم، فهو التبنّي لسرديات حزب الله ومواقفه. 

يعترض غصن بداية على اتهام حزب الله بأنه حزب إيراني، محاججاً بأن مناصري الحزب وأفراده هم لبنانيون، معتبراً أن هذا الاتهام يعني سد الباب أمام أي نقاش محتمل مع الحزب وجمهوره. هذا النقاش حول الحزب، يجب أن يقوم على تفهم أهداف "حزب الله" التي يراها غصن محقّة، وهي التصدي للهيمنة الأميركية على قرارات الدول العربية وعلى لبنان. 


بعد تفهّم أهداف الحزب، يجدر بنا، كما يرى غصن في الفيديو، الاستفادة من انجازات حزب الله وسلاحه للدفاع عن لبنان، وفي الوقت عينه، أن يكون السلاح محصوراً في يد الدولة، ولا سبيل لتحقيق ذلك، إلا من خلال تنصيب حزب الله على رأس الحكم اللبناني. عندها، يكون السلاح شرعياً وتكون الدولة الممثلة في الحزب، هي المخول الوحيد لممارسة العنف واستعمال السلاح، سواء في الداخل أو الخارج.  

مشكلة حزب الله، كما يراها غصن، هي السردية نفسها التي يرويها مناصرو الحزب، أي عدم  تدخل الحزب في الحكم، واهتمامه بالمقاومة فقط، في حين كان يجب على حزب الله أن ينشئ بالتوازي مع المقاومة، نظام حكم ناجحاً! ويرمي غصن بالفشل في بناء الدولة على  مدى السنوات الماضية على 14 آذار، الذين كان سلاح حزب الله هو شغلهم الشاغل، وهم غير مؤهلين للحكم في نظره، ويرمي غصن عليهم مسؤولية عدم اقرار موازنات لمدة 12 عاماً والتعيينات في القضاء ومناصب الدولة والتغول بها. 

يتناسى غصن أن 14 آذار لم تكن حاكماً مطلقاً للبنان، بل شهدت فترة سيطرتها الجزئية على الدولة، الكثير من التعطيل في المجلس النيابي والحكومة، بالاضافة إلى الاغتيالات والتوترات الأمنية. 

يعود غصن في الفيديو إلى موقعه الممانع، يدعو اللبنانيين إلى مواجهة حزب الله عبر تسليمه البلد، وأن يفرضوا عليه إنشاء مشروع حكم سيفشل فيه حكماً، أو قد لا يفشل. 

هذه الطروحات كلها تدل على أن الصورة منقوصة عند جاد غصن، كما عن كثيرين من اليسار الممانع المؤيد لحزب الله والمتبني لسرديته. فالصراع ليس صراع حزب الله والهيمنة الأميركية على لبنان، كما هو واضح من مسار الحروب في اليمن والعراق وسوريا، ومشاركة الحزب فيها. وعلى عكس ما يعتبره غصن، من أن سلاح الحزب يهدف إلى "حماية الدولة"، فإن الواقع متناقض تماماً، الهدف من وجود الدولة بالنسبة إلى حزب الله هو حماية السلاح. 
وفي حين يطالب غصن حزب الله بوضع نظام حكم والمشاركة فيه، معتبراً أن حزب الله يلعب دور المقاوم تاركاً مهمة الحكم لباقي الأفرقاء اللبنانيين، يظهر الواقع أن نظام حكم حزب الله موجود، وهو نسخة عن نظام الحكم الإيراني، حيث يحكم المرشد الأعلى والحرس الثوري الإيراني البلاد فعلياً، ويلقون بالمسؤولية في انهيار الوضع الاقتصادي على الحكومة ورئيس الجمهورية.

وما تسريبات وزير الخارجية الإيرانية مؤخراً، وتذمره من تقديم قاسم سليماني للميدان على الدبلوماسية، وتدخله في شؤون الدولة، إلا دليل على ذلك، وما ينطبق على وزارة الخارجية  ينطبق على باقي الوزارات. 

أسقط حزب الله النظام الايراني على لبنان، حل أمينه العام، غير المنتخب من قبل الشعب، مكان المرشد الأعلى، يُملي على الدولة ما يجب أن تقوم به، وما لا يجب، من خلال خطاباته المتلفزة. ويلعب حزب الله دور الحرس الثوري، وفق القاعدة نفسها، الميدان أولاً والسلاح أولاً، كل قرار تتخذه الدولة لا يتوافق مع هذه القاعدة يسقط بقوة السلاح.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024